" وجملته أن الموات قسمان: أحدهما: ما لم يجر عليه ملك لأحد ولم يوجد فيه أثر عمارة... القسم الثاني: ما جرى عليه ملك مالك وهو ثلاثة أنواع: أحدها: ماله مالك معين وهو ضربان: أحدهما: ما ملك بشراء أو عطية، فهذا لا يملك بالإحياء بغير خلاف. وقال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن ما عرف بملك مالك غير منقطع أنه لا يجوز إحياؤه لأحد غير أربابه. الثاني: ما ملك بالإحياء ثم ترك حتى دثر وعاد مواتا، فهو كالذي قبله سواء. وقال مالك يملك هذا لعموم قوله: " من أحيا أرضا ميتة فهي له. " ولأن أصل هذه الأرض مباح فإذا تركت حتى تصير مواتا عادت إلى الإباحة كمن أخذ ماء من نهر ثم رده فيه.
ولنا أن هذه أرض يعرف مالكها فلم تملك بالإحياء كالتي ملكت بشراء أو عطية. الخبر مقيد بغير المملوك بقوله في الرواية الأخرى: " من أحيا أرضا ميتة ليست لأحد " وقوله: " في غير حق مسلم ". " (1) إلى آخر ما ذكره، فراجع.
أقول: توفي ابن قدامة مؤلف المغني في " 630 "، والعلامة في " 726 " وربما يظهر لمن راجع المغني والتذكرة والمنتهى أن العلامة كان يراجع المغني ويستفيد منه.
وأنت ترى أن التفصيل بين ما ملك بشراء ونحوه وبين ما ملك بالإحياء. ونقل الإجماع من ابن عبد البر في الأول منهما قد تعرض لهما ابن قدامة، فلعل العلامة أخذهما منه، والشهيد في الروضة والمسالك أخذهما من التذكرة. والفقيه الحافظ ابن عبد البر الأندلسي صاحب كتاب الاستيعاب كان من علماء السنة، وقد توفي في " 463 ". الظاهر أنه المراد في عبارة المغني. والإجماع المنقول لا نعتمد عليه نحن في فقهنا فكيف بما ادعاه هو. ثم إن معقد إجماع ابن عبد البر على ما ترى لا يختص بما إذا كان ملك الأول بالشراء ونحوه، بل يعم ما ملك بالإحياء أيضا، فتدبر. هذا.
ولم نجد في كلمات القدماء من أصحابنا أثرا من التفصيل بين ما ملك بالإحياء