ولكن يمكن أن يقال: إن إحياء الكفار للأراضي قبل طلوع نير الإسلام وإن كان مملكا لهم بحكم العقلاء، ولاقتضاء مالكيتهم للقوى والنشاطات الصادرة عنهم لذلك أيضا على ما قد يقال، لكن بعد نزول آية الأنفال وجعلها للرسول أو للإمام وتوقف التصرف فيها على إذن الإمام من المحتمل أن لا يعم الإذن للكفار، أو يتوقف الملكية على الإذن والإسلام معا بلحاظ المصالح المنظورة، والمفروض في صحيحتي الكابلي وعمر بن يزيد صدور الإذن للمسلمين والمؤمنين فقط. نعم، قوله: " من أحيا أرضا ميتة فهي له " مطلق ولكن الاستدلال به رجوع إلى الدليل الأول وليس دليلا مستقلا.
وبالجملة، من الممكن وجود الفرق بين ما قبل نزول اية الأنفال وما بعده، فسببية الإحياء لملكيتهم قبل نزولها لا تفيد لما بعد ذلك.
اللهم إلا أن يقال: الحكم بكون الأراضي المفتوحة عنوة للمسلمين يشمل الفتوحات الواقعة بعد نزول الآية أيضا، إذ مصداقها البارز أراضي العراق، وهي فتحت في زمن عمر، ولعل كثيرا منها أحييت بعد نزول الآية فلا مجال للفرق من هذه الجهة.
نعم، يمكن أن يفرق بين الموات في بلاد الكفر والموات في بلاد الإسلام، فيقال بأن الإحياء في الأول يفيد الملكية مطلقا على وفق القاعدة واقتضاء الطبيعة، وهذا بخلاف الثاني إذ مالكية الكفار للأراضي في البلاد الإسلامية توجب سلطتهم على شؤون المسلمين فمنع الشارع منها سواء حصل الإذن لهم أم لم يحصل.
وعلى هذا القسم أيضا تحمل صحيحتا الكابلي وعمر بن يزيد المتعرضتان لإذن أمير المؤمنين (عليه السلام) في الإحياء، لانصراف إذنه عن بلاد الكفر، فتدبر. هذا.
والذي يسهل الخطب ما مر منا في المسألة السابقة مفصلا من الإشكال في سببية الإحياء لملكية الرقبة ولو كان من مسلم، نعم تحصل ملكيتها لو ملكها الإمام، والملكية لحيثية الإحياء وآثاره كما مر مرارا أمر يقتضيه نظام التكوين ويحكم به العقلاء بلا تفاوت في ذلك بين المسلم والكافر إذ كل منهما يملك فكره وقواه وجهاز