المركوز في أذهان الشيعة بمقتضى الأخبار الواصلة إليهم من الأئمة (عليهم السلام) هو كون الأرض والدنيا كلها للإمام ولكنهم أحلوها لشيعتهم، وأخبار التحليل بنفسها شاهدة على بقاء صلة الإمام بالأراضي.
وإن أريد بها سيرة سائر المسلمين ففيها أنهم بحسب موازينهم الفقهية لم يكونوا يرون الأراضي من الأنفال وللإمام وإن أفتى بعضهم بوجوب الاستيذان منه في الإحياء كما مر. وكيف كان فعملهم لا يكون حجة علينا.
وأما إيقاع المعاملات على الأراضي فقد مر أنه بلحاظ المالكية لحيثية الإحياء آثاره المتحدة مع الأرض وجودا ويوجد مثله في أراضي الخراج أيضا.
فإن قلت: ما مر منكم من جواز أخذ الطسق من قبل الحكومة الحقة لو فرض انعقادها في عصر الغيبية يخالف لما هو الظاهر من صحيحة الكابلي من كون الطسق لأئمة أهل البيت فقط.
قلت: قد مر منا مرارا أن الأراضي وغيرها من الأموال العامة ليست لشخص الإمام المعصوم بل تكون تحت اختيار سائر المسلمين ومن له حق الإمامة عليهم، والإمامة بالمعنى الأعم لا تتعطل شرعا ولو في عصر الغيبة، والحصر في صحيحة الكابلي وغيرها إضافي في قبال أئمة الجور المتقمصين بها ظلما، فالمراد نفيهم وأنه ليس لهم حق الإمامة، فوزان الطسق هنا وكذا الخراج في الأراضي المفتوحة عنوة وزان غيرهما من ضرائب الحكومة الإسلامية التي كانت في عصر الأئمة مختصة بهم شرعا ولكنها لا تتعطل كما لا تتعطل الحكومة. وتحليل الأئمة (عليهم السلام) كان بلحاظ عصور الاختناق وعدم الوصلة إلى الحكومة الحقة تسهيلا لشيعتهم في تلك الأعصار، فتدبر.
فإن قلت: فهل لا يمكن أن يتملك الإنسان لرقبة الأرض وتصير الأرض ملكا شخصيا كسائر الأموال الشخصية؟