انقلب فيها فتوى المشهور، نقول: إن المحيي يملك عمله الإحيائي وآثار الإحياء الواقعة في الأرض بإذن الإمام. وبعبارة أخرى يملك المحياة بما هي محياة. والبيع والوقف ونحوهما تتعلق بذلك ولامانع منه.
وقد مر في عبارة النهاية قوله:
" ومتى أراد المحيي لأرض من هذا الجنس الذي ذكرناه أن يبيع شيئا منها لم يكن له أن يبيع رقبة الأرض وجاز له أن يبيع ماله من التصرف فيها. " (1) وقد التزم الفقهاء بذلك فيها الأراضي المفتوحة عنوة أيضا كأراضي العراق ونحوها.
بل قد يقال فيها بملكية الأرض تبعا للآثار بحيث تبقي ببقائها وتزول بزوالها، فلا إشكال. ولعل المشهور أيضا لم يريدوا بالملكية أزيد من ذلك ولا سيما القائلون منهم بأن الملكية لو كانت بالإحياء زالت بزوال الحياة وهم كثيرون كما سيأتي.
وبالجملة وزان المعاملات الواقعة على الأرض هنا وزان المعاملات الواقعة من الرعايا على أملاك الزراعة والبساتين في القرايا التي لها ملاك. وقد شاع ذلك في جميع البلاد والأعصار.
ومن قال في هذه الموارد إن المحيي للأرض يبيع حقه فيها أيضا لا يريد بالحق إلا ما ذكرناه من آثار الإحياء وعمله المتجسد في الأرض لا الحق بمعنى حكم الشارع باستحقاقه للأرض وكونه أحق بها، فلا يرد ما قد يقال: إن الحكم الشرعي لا يمكن أن يصير مبيعا أو موهوبا لعدم إضافة اعتبارية له بالبائع. وبعبارة أخرى المقصود بالحق هنا موضوع الحق ومنشأ انتزاعه واعتباره، فتدبر.
فإن قلت: إن الصحاح الثلاث المستدل بها معرض عنها، إذ المشهور على كون الإحياء سببا لملك الرقبة وعدم وجوب الطسق على من أحيا الموات من الأرض.
قلت: لا نسلم الإعراض، إذ قد عرفت من الشيخ وابن البراج وابن زهرة وابن