قد بينا أن كنايات الطلاق لا تقع بها فرقة، نوى أو لم ينو، ظاهرة كانت أو باطنة بحال.
وقال بعضهم: الكنايات على ضربين، ظاهرة وباطنة، فالظاهرة " خلية وبرية وبتلة وبائن وحرام " والخفية كثيرة منها " اعتدي واستبرئي رحمك - معناه حدث ما يوجب براءة الرحم وهو الطلاق - وتقنعي - معناه حرم علي النظر إليك - وتجرعي واذهبي واعزبي والحقي بأهلك، وحبلك على غاربك - ومعناه اذهبي فلست ممسكا لك، مشتقا من طرح زمام الناقة على غاربها، وهو العنق لتذهب بغير قائد -. " فكل هذه كنايات لا يقع الطلاق بمجردها من غير نية، سواء كان عقيب ذكر الطلاق أو لم يكن عقيب ذكره، وسواء كان حال الرضا أو حال الغضب.
فإن نوى نظرت:
فإن تقدمت النية على لفظه أو تأخرت عنه لم يقع الطلاق وإنما يقع الطلاق إذا قارنت النية لفظ الكناية، ويقع ما نوى سواء نوى واحدة أو اثنتين وكان رجعيا، وإن نوى ثلاثا وقع ثلاثا، والمدخول بها وغير المدخول بها سواء.
وإذا قال: أنت واحدة، فيه وجهان: أحدهما تقع الثلاث والثاني تقع واحدة، والأول عندهم هو الصحيح.
فإن قال: أنت الطلاق، فعندنا ليس بصريح والكناية لا نقول بها، وعندهم على وجهين منهم من قال: هو صريح، ومنهم من قال: كناية.
وإذا قارنت النية شطر لفظ الكناية، الشطر الأول أو الثاني مثل أن يقول: أنت بتة فقارنت النية الأول فيه وجهان: أحدهما يقع إذا بقي حكمها، وهو الأظهر، والآخر لا يقع إلا بمقارنة النية لجميعه، وكذلك في الشطر الآخر، والذي يجب أن يقال على هذا المذهب أن النية متى لم تقارن أول جزء من اللفظ فلا حكم لها ولا يجب مقارنتها لجميع اللفظ.
إذا قال لها: كلما أكلت نصف رمانة فأنت طالق وكلما أكلت رمانة فأنت طالق، فأكلت رمانة طلقت ثلاثا عندهم، لأنه علق الطلاق بصفتين، نصف الرمانة