وقدرها على أهل بعض الديارات بغير ذلك (1) مع أن النبي صلى الله عليه وآله أمر معاذا أن يأخذ من كل حالم دينارا، وصالح نصارى نجران على سبعين بردا، وهذا الاختلاف في التقدير يدل على موكولية الأمر إلى رأي الإمام.
وقد عرفت أن المشهور في تعريف (الصغار) في آية الجزية (2) الالتزام بالجزية بحسب ما يراه الإمام من غير أن تكون مقدرة، والتزام أحكامنا عليهم. بل لا يبعد دلالة قوله - تعالى - (في الآية) أيضا على المقصود بأن يكون معناه التمكن والقدرة المالية بشهادة استعمال كلمة اليد في كثير من الموارد بمعنى القدرة والاستيلاء، ولعل منها قوله - سبحانه - واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي (3) وقوله - تعالى -: قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم (4).
ويؤيد ذلك قوله - سبحانه - في الآية (حتى يعطوا) فإن المراد بالاعطاء هو الالتزام به واعلام التهيؤ له، ضرورة أن القتال يترك به لا بالاعطاء الفعلي الذي يتحقق آخر الحول كما يأتي.
ومن الواضح حينئذ أن المناسب في معنى (عن يد) كونه بمعنى التمكن والقدرة المالية، ويؤيد ذلك أيضا أنه إن كان المراد الاعطاء الفعلي باليد كان المناسب التعبير ب (بأيديهم) المفيد لهذا المقصود ولازم هذا المعنى الحكم بأن الجزية لا مقدر لها لاختلاف تمكن الأفراد وتمولهم بحسب الأمكنة والأزمنة.
نعم في المقام روايات ربما يستدل بها على كون الجزية مقدرة.
منها ما في الوسائل بسنده عن مصعب بن يزيد الأنصاري قال:
(استعملني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على أربعة رساتيق المدائن: البهقياذات، ونهر سير (شير خ ل) ونهر جوير، ونهر الملك، وأمرني أن أضع على كل جريب زرع غليظ درهما ونصفا، وعلى كل جريب كرم عشرة