عليهم وعلى المسلمين من ناحية الدولة الإسلامية، وفرض أيضا مشاركتهم في أمر الدفاع عن ثغور الوطن الإسلامي والحرب ضد الأعداء - كما نجد تحقق هذين الأمرين في زماننا هذا - يوجب ذلك اسقاط الجزية عن ذمتهم، وليس هذا بمعنى عدم امكان اجراء هذا النظام في هذا العصر كما هو واضح.
وقد عرفت في الفصل الأول من الكتاب شواهد كثيرة على أن المسلمين كانوا يسقطون الجزية عنهم إذا كانوا يشاركون في أمر الدفاع فراجع.
وفي المستدرك عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (ومن أستعين به من أهل الذمة على حرب المشركين، طرحت عنه الجزية) (1).
قال الدكتور وهبه الزحيلي: (وإذا رضي أهل الذمة الاشتراك في الدفاع الوطني، والانخراط في صفوف الجهاد، فتسقط عنهم الجزية بدليل ما أثر عن الصحابة... وبهذا يظهر أن الذميين القانطين اليوم في بلاد الإسلام والذين يلتزمون بالخدمة العسكرية، ويشتركون في الحرب ضد الأعداء، أو يكونون عرضة لذلك، لا يجب عليهم الجزية) (2).
وتشهد على ذلك ما ذكره الأصحاب في بيان مصرف الجزية من أنها للمقاتلة المجاهدين، فإنها قرينة على أن الذميين لما لا يكونون مكلفين بالخدمة العسكرية والحضور في صفوف الدفاع، أخذت الجزية منهم في قبال ذلك وتصرف في سبيل الحرب والدفاع، فإذا فرض مشاركتهم في أمر الدفاع مباشرة لم يبق وجه حينئذ لأخذ الجزية منهم.
ب - نظام الجزية والعلاقات الخارجية مع الأمم غير المسلمة يظهر من بعض أخبار الباب وكلمات الفقهاء في المقام أن نظام الجزية مختص اجراءه بالأقليات الدينية الساكنات في حوزة الأمة الإسلامية.