فإن صرف كون هذا العقد عقدا بمال لا يقتضي محجورية الصبي فيه.
ثم لو صالح الحاكم قوما من الذميين على أن يؤدوا الجزية عن أولادهم غير البالغين، فإن كان المراد الزيادة في جزية الآباء على وجه تكون من أموالهم، صح ذلك لما يأتي من أن تعيين كمية الجزية بيد الإمام، وإن كانت الزيادة من أموال الأولاد، كان الصلح باطلا، لعدم مشروعية أخذ الجزية من الصبيان.
ومن هنا قال العلامة:
(لو صالح الإمام قوما على أن يؤدوا الجزية عن أبنائهم غير ما يدفعون عن أنفسهم، فإن كانوا يؤدون الزايد من أموالهم جاز، ويكون زيادة في جزيتهم وإن كان من أموال أولادهم لم يجز) (2).
ويأتي نظير هذا الكلام فيما إذا صالح الحاكم قومن على أن يؤدوا الجزية عن نساءهم أو مجانينهم، لوحدة الملاك.
قال العلامة: " ولو حاصرنا بلدا، فسأل أهله الصلح بوضع الجزية على النساء والصبيان لم يصح... فإن طلبت النساء أن يبذلن الجزية ليكون الرجال في أمان لم يصح، ولو قتلنا الرجال وسألت النساء أن يعقد لهن الأمان ليقمن في دار الإسلام، عقد لهن بشرط أن يجري عليهن أحكامنا، ولو بذلن الجزية لم يصح أخذها جزية " (1) وفي المغني لابن قدامة: (وإن بذلت المرأة الجزية، أخبرت أنها لا جزية عليها، فإن قالت: فأنا أتبرع بها، أو أنا أؤديها، قبلت منها ولم تكن جزية، بل هبة تلزم بالقبض... ولو حاصر المسلمون حصنا ليس فيه إلا نساء فبذلن الجزية لتعقد لهن الذمة، عقدت لهن بغير شئ، وحرم استرقاقهن، كالتي قبلها سواء، فإن كان في الحصن معهن رجال، فسألوا الصلح، لتكون الجزية على النساء والصبيان دون