ولعل هذه العبائر - التي يأتي بعضها عند تفسير آية الجزية - كانت متأثرة من سيرة بعض الأمويين وعمالهم، حيث كانوا يعاملون الذميين بل غير العرب معاملة خشنة التي لم تناسب العدل الإسلامي وما نعرفه من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة الطاهرين عليهم السلام.
المستشرقون ونظام الجزية:
اعلم أن المستشرقين في هذا المقام على صنفين: صنف منهم لم ينظروا إلى المسألة بنظرة الانصاف، ولم يكونوا في مقام كشف الحقيقة بل ترى آثار العناد وكتمان الحق في مطاوي مكتوباتهم.
وصنف آخر منهم حققوا المسألة بلا تعصب وعناد ونالوا الحقيقة بقدر وسعهم.
من الصنف الأول ژوليوس ولها وزن، فإنه ذكر في المقام أمورا أهمها ما يلي:
1 - العرب كانوا يعقدون على سكان فتوحاتهم بأجا وهو كان عبارة عن مبلغ معين نقدا ومقدار من زراعتهم.
2 - كل من كلمة (الخراج) و (الجزية) كان يستعمل أكثر من قرن يعني إلى سنة 121 ه في معنى بأج (1) فإن العرب لم يكونوا يعرفون إلى هذه السنة الفرق بين الضريبة التي توضع على الأراضي وبين ما يوضع على الرؤوس.
3 - كانت الضرائب المالية برمتها تسقط عمن أسلم.
4 - كان الخراج يسقط عن الأرض التي أسلم مالكها أو انتقلت إلى المسلم.
5 - ونتيجة ذلك أن السبب المهم في ترك الكفار دينهم وقبولهم الإسلام هو السبب المالي - يعني سقوط جميع الحقوق المالية عمن كان يسلم -.
6 - لما كان آراء أكثر فقهاء الإسلام ومؤرخيه مباينا للأمور المذكورة، فبطبيعة الحال ننتج أنهم كانوا كاذبين في انتساب نظرياتهم الاقتصادية إلى عصر الفتوحات (2).