فتبين من جميع ذلك أن قبول الجزية من المجوس مما لا شبهة فيه وهو اتفاقي بين الفقهاء العامة والخاصة.
ومع ذلك كله، فقد حكى عن العماني الحاق المجوس بعبدة الأوثان وغيرهم الذين لا يقبل منهم إلا الإسلام (1) ولم اظفر على وجهه.
وهذا غير مسموع بعد ما عرفت من الاجماع وتظافر النصوص على خلافه.
حكم من تهود أو تنصر أو تمجس بعد ظهور الإسلام:
قد تبين أن قبول الجزية من اليهود والنصارى محل وفاق بين فقهاء الفريقين.
وحينئذ يقع الكلام في شمول الحكم لمن تهود أو تنصر أو تمجس بعد ظهور الإسلام. وليفرض الكلام تارة فيما إذا انتقل أحد من تابعي هذه الفرق الثلاث إلى فرقة أخرى منها، كما إذا صار يهودي نصرانيا أو العكس. وأخرى فيما إذا انتقل أحد من سائر الكفار إلى إحدى هذه الفرق، كما إذا صار وثني يهوديا أو نصرانيا.
ويمكن فرض شق ثالث، وهو ما إذا دخل مسلم في دين هؤلاء ولكنه خارج عن محل الكلام، لأن البحث مركز على مسائل الجزية، والمتكفل لهذا الفرض، باب الارتداد من كتاب الحدود.
إما الفرض الأول: ففيه قولان: الأول: القول بعدم الاقرار عليه وعدم قبول الجزية منه (2) أخذا بقوله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه (3). وبعموم قوله صلى الله عليه وآله: (من بدل دينه فاقتلوه) (4).
قال الشيخ: (أما من كان عبدة الأوثان فدخل في دينهم فلا يخلو أن يدخل في دينهم قبل نسخ شرعهم أو بعده، فإن كان قبل نسخ شرعهم أقروا عليه، وإن كان بعد نسخ شرعهم لم يقروا عليه لقوله عليه السلام " من بدل دينه فاقتلوه " وهذا عام إلا من