وثمرة الخلاف بين الأصحاب وبين العامة تظهر في نساء بني تغلب، إذ على رأي الأصحاب، لا جزية عليهن وإن كن ذوات أموال زكوية، لما يأتي من سقوط الجزية عن نساء أهل الذمة، وهذا بخلاف رأيهم من أنها صدقة تؤخذ مضاعفة من مال من يؤخذ منه الزكاة لو كان مسلما.
قال في الأموال:
(سمعت محمد بن الحسن يخبر عن أبي حنيفة، قال: أما نساؤهم فهن بمنزلة رجالهم في كل شئ) (1).
نعم خالفهم في ذلك الشافعي (2). ولعله يرى أن ما يؤخذ منهم تكون جزية وإن كانت باسم الصدقة.
من ادعى أنه من أهل الكتاب:
تسالم الأصحاب على أنه لو ادعى شخص أنه من أهل الكتاب وبذل الجزية، لا يكلف البينة.
قال الشيخ في المبسوط: (وإذا أحاط المسلمون بقوم من المشركين فذكروا أنهم أهل كتاب، وبذلوا الجزية، فإنه تقبل منهم لأنه لا يتوصل إلى معرفة دينهم إلا من جهتهم فيعقد لهم الجزية) (3).
وفي قواعد العلامة: (ولو ادعى أهل حرب أنهم منهم، قبل بذلهم للجزية، ولم يكلفوا البينة، فإن ظهر كذبهم، انتقض العهد وجاز اغتيالهم لتلبيسهم) (4).
وفي تذكرته: (ولو غزا الإمام قوما فادعوا أنهم أهل كتاب، سألهم، فإن قالوا:
دخلنا أو دخل آباؤنا قبل نزول القرآن في دينهم، أخذ منهم الجزية وشرط عليهم نبذ العهد والمقاتلة لهم إن بان كذبهم ولا يكلفون البينة على ذلك ويقرون بأخذ الجزية، فإن بان كذبهم انتقض عهدهم ووجب قتالهم، ويظهر كذبهم باعترافهم