وأما قولهم إن ذلك هو الأخذ بقرء واحد وقد صرح المرسلة بعدم صيرورتها ذات عادة بقرء واحد، ففيه أنه فرق بين الأخذ بالأربعة بحدها وجعل الأربعة وقتها وبين الأخذ بالجامع بين الناقص والزائد والقدر المتيقن منهما، ففي الصورة الثانية لا تكون آخذة بالناقص بل به وبما يشاركه وهو القرء الثاني، فهي آخذة بهما وإن لم تأخذ بجميعهما.
وقد يقال: إن ما ذكر مناف لقوله في المرسلة " وإن اختلط عليها أيامها و زادت ونقصت حتى لا يقف منها على حد ولا من الدم على لون عملت بإقبال الدم و إدباره، ليس لها سنة غير هذا ". وفيه أن ذلك مسلم في العددية الناقصة غير الوقتية مما ذكرنا في صدر المبحث لا في ذات العادة الوقتية مع العددية الناقصة، ونحن نلتزم به ونفصل بينهما، وذلك لأنه في المرسلة - كما يعلم بالنظر في صدرها وذيلها - جعل التمييز مرجعا لمن لا تكون لها أيام معلومة لا من حيث العدد ولا الوقت كما صرح به في موارد منها كقوله " وأما سنة التي قد كانت لها أيام متقدمة ثم اختلط عليها من طول الدم فزادت ونقصت حتى أغفلت عددها وموضعها من الشهر - إلخ - " وما في ذيلها هو السنة الثانية التي في صدرها، وموضوعها هي التي اختلط عليها أيامها من حيث موضع الشهر وزادت ونقصت عددا، ولا إشكال بحسب مفاد المرسلة في أن مرجعها إلى التمييز. وأما من عرفت موضعها من الشهر ولم تحص عددها فهي غير داخلة في السنة الثانية بل داخلة في السنة الأولى كما مر. كما أن من أحصت عددها ولم تعرف موضعها لا يكون مرجعها في العدد إلى التمييز، فهذه الفقرة الأخيرة غير شاملة لذات العادة الوقتية المحضة، وهو ظاهر لمن سمع المرسلة وفهمها. وأما ما أفاده بعض المحققين في جواب هذا الاشكال فهو كما ترى.
فتحصل من جميع ما ذكرنا أن الأقوى هو التفصيل بين ذات العادة الوقتية المحضة فتأخذ بالقدر المتيقن من العدد ويصير ذلك عادة لها بمرتين، وبين ذات العددية الناقصة مع عدم الوقتية لها فمرجعها التمييز، وليس لها سنة مع التمييز غيره.