وبأن أقل ما يحصل به العادة حيضتان، ومن رأت في شهر أربعة وفي شهر ستة فكما أن الأخذ بالستة أخذ بقرء واحد كذلك الأخذ بالأربعة، لأن الأربعة في ضمن الستة لا تكون قرء مستقلا، والقرء الواحد لا يكون عادة بنص المرسلة.
ويمكن أن يقال: إن المضمرة لا تدفع العددية الناقصة، فإن قوله " فإذا اتفق شهران عدة أيام سواء فتلك أيامها " إما أن يدعى دلالته على النفي بمفهوم الشرط فلا مفهوم له في المقام ظاهرا لو سلم مفهوم الشرط في غيره، فإن المفهوم فيه: إذا لم يتفق شهران كذلك فليس تلك أيامها، أي ليس الأيام المتقدمة المتساوية في صورة الاختلاف أيامها، وهذا نفي بنفي الموضوع لا لأجل المفهوم، وإما بمفهوم القيد، بأن يقال: إذا اتفق شهر أن عدة أيام غير سواء فليس تلك أيامها، ومعناه حينئذ أن الأيام التي هي غير سواء ليس أيامها، وهو مع الغض عن عدم المفهوم لا ينفي إلا عدم جميع الأيام التي هي غير سواء وهو مسلم، وأما الأقل فلا ينفيه، تأمل. وبمثله يجاب عن المرسلة أيضا.
وأما كون الناقص قرء واحدا فمسلم لكن يمكن دعوى استفادة ذلك من المرسلة بإلغاء الخصوصية عرفا، بأن يقال، إن العرف يفهم منها أن تكرر الدم على نحو واحد يوجب الخلق، وإن شئت قلت، لا ريب في شمول قول رسول الله صلى الله عليه وآله " دعي الصلاة أيام أقرائك " لمن كانت له عادة ناقصة عددا مع كونها ذات العادة المستقرة وقتا، فمن رأت سنين متمادية أول الشهر حيضا مع اختلاف العدد زيادة ونقيصة تكون لها أيام معلومة هي القدر المتيقن كأول الشهر إلى اليوم الرابع مثلا، فيشملها قول رسول الله صلى الله عليه وآله وزيادة العدد ونقصه لا توجبان عدم الشمول بالنسبة إلى القدر المتيقن.
والمرسلة دلت على أن الرؤية مرتين موجبة للخلق المعلوم حيث قال لمن توالى عليها حيضتان " فقد علم الآن أن ذلك قد صار لها وقتا وخلقا معروفا تعمل عليه وتدع ما سواه " نعم، ظاهرها حيضتان تامتان، كما أن الظاهر حصولهما في شهرين، فكما أن العرف يفهم منها أن خصوصية الشهر غير دخيلة يفهم أن العدد الزائد على الأربعة في المثال لا دخل له.