وقت الشهر الأول، وقوله " سواء " أي عددا بقرينة الصدر والذيل، فلا إشكال في تعرضها لذات العادة العددية والوقتية. فحينئذ يقع الاشكال في المرسلة بأن صريحها أن سن السنن الثلاث لرفع كل مشكل لمن سمعها وفهمها حتى لا يدع لأحد مقالا فيه بالرأي، وأن جميع حالات المستحاضة تدور على هذه السنن الثلاث لا تكاد أبدا تخلو عن واحدة منهن، مع أن كثيرا من حالات المستحاضة وأقسامها غير مذكورة فيها كالعددية المحضة والوقتية كذلك والصور الكثيرة التي تعرض لها المحققون.
ويمكن دفع الاشكال عنها بوجهين: أحدهما أن يقال: إن السنة الأولى أي الرجوع إلى خلقها ووقتها إنما هي لمن لها خلق معروف معلوم، ويكون وجه الارجاع إلى خلقها هو معروفية الخلق ومعلومية الأيام وذلك تمام الموضوع للارجاع، ويكون المثال المذكور أوضح المصاديق من غير أن يكون الحكم منحصرا به، بدعوى أن العرف بمناسبات الحكم والموضوع وإلغاء الخصوصية يفهم منها أن الخلق المعروف والعدد المعلوم يكون مرجعا لأجل أقوائية أماريته من حالات الدم، والرجوع إلى صفات الدم إنما هو مع فقد الأمارة الأقوى. فإذا كانت المرأة - حسب ما رأت متكررا في الزمان الطويل - ذات خلق معروف عددا ووقتا أو عددا فقط أو وقتا فقط يكون هو المرجع لأجل معروفية الخلق ومعلومية العادة. وبالجملة العادة الحاصلة من تكرر الدم أقوى الأمارات، فذاك الخلق مرجعها لأجل كونه عادة وخلقا، فالمرأة التي ترى الدم في أول الشهر لا تتخلف عادتها منه في الأزمنة المتطاولة وإن اختلف عددها يكون لها خلق معروف معلوم بحسب الوقت وهو أقوى الأمارات، وكذا في العددية المحضة، كما يشهد به قوله في مقابل السنة الأولى " وأما سنة التي قد كانت لها أيام متقدمة ثم اختلط عليها من طول الدم فزادت ونقصت حتى أغفلت عددها وموضعها من الشهر... " مع أن مقابل ما ذكره في السنة الأولى هو إغفال أحدهما لا اغفالهما معا، فذكر إغفالهما دليل على أن الصدر بصدد بيان أمر أوسع مما مثل به، فيشمل الذاكرة ولو عددا فقط أو وقتا. كذلك، فحينئذ يدخل جميع الصور التي تتصور للخلق المعروف والعادة المعروفة ولو بنحو التركيب وغيره في السنة الأولى، ومع فقد الخلق والعادة