اللاحق، ولو كان عدم اعتبار صفة اللاحق موقوفا على اعتبار صفة السابق لزم الدور.
والحق أنه لا توقف ولا دور، ولا وجه لترجيح إحدى الأمارات على الأخرى. ومنه يظهر الحال في الصورتين الأخيرتين، فإن التحقيق فيهما أيضا كونها فاقدة التمييز، لتعارض الأمارات وعدم رجحان شئ منها.
ثم إنه مع إمكان التمييز من بعض الجهات دون بعض يجب عليها تقديم التمييز، فيما يمكن والأخذ بعادة النساء أو الأخبار في ما لا يمكن، ويظهر الحال مما مر.
(الأمر الخامس) إن فقدت المبتدئة التمييز بأن ترى على لون واحد وحالة واحدة أو كان التمييز بحيث لا يجوز الرجوع إليه كما في تعارض الأمارات في ما لا يجوز الاتكال عليها مطلقا فالمشهور كما عن جماعة الرجوع إلى عادة نسائها، بل عن جماعة دعوى الاجماع والاتفاق عليه، وهذا على الاجماع مما لا إشكال فيه، لكن الكلام يقع في جهات.
منها بيان كيفية الجمع بين روايات التمييز وروايات العدد وروايات الرجوع إلى عادة النساء، فنقول: إن الظاهر من روايات التمييز أن أمارية ألوان الدم وحالاته قوية كاملة بحيث تستحق أن يطلق عليها أن دم الحيض ليس به خفاء، وأنه أسود يعرف، وإن كانت أماريته متأخرة عن العادة نصا وفتوى. وأما لسان روايات الرجوع إلى العدد والأخبار فلسان أصل عملي كما يظهر بالنظر إلى مرسلة يونس حيث قال فيها " تحيضي في علم الله... " وفسره الإمام عليه السلام بتكلف عمل الحائض، وكذا الحال في رواية عبد الله بن بكير حيث قال فيها " جعلت وقت طهرها أكثر ما يكون من الطهر وتركها للصلاة أقل ما يكون من الحيض " فالظاهر من روايات العدد هو كون مفادها تكليف من لا طريق لها إلى حيضها وتكون متحيرة فيه، ولهذا أرجعها في مضمرة سماعة إلى العدد بعد اختلاف عادات النساء، فلا إشكال في تأخر الرجوع إلى العدد من الرجوع إلى عادات النساء والتمييز.
وأما حال التمييز مع عادات النساء فالظاهر من أدلتهما تقدم التمييز على