المصداقية لأدلة جعل الأمارات، فلو شكت في تحقق أمارة العذرة أو الاستحاضة مثلا فلا يجوز التمسك بدليلهما، ومعه ينسلك في موضوع القاعدة، لأن موضوعها هو الاحتمال، ومع عدم إحراز الأمارة يتحقق الاحتمال الذي هو موضوعها، وكذا في تعارض الأمارتين. ولازم الثاني هو الحكم بحيضية ما أحرز استجماعه للشرائط المقررة له، فقبل استمرار الدم إلى ثلاثة أيام لا يحكم بالحيضية إلا إذا أحرز الشرط بالأصل، وكذا مع الشبهة المصداقية للقواعد المقررة الشرعية لعدم إحراز الامكان بحسب القواعد المقررة، وكذا مع الشك في قيام الأمارة بعد إحراز أماريتها، كما لو اشتبهت الأمارتان لأجل الظلمة مثلا لعدم إحراز موضوع القاعدة وهو الامكان الواقعي بالنظر إلى المقررات الشرعية. ثم إثبات أن الامكان في موضوع القاعدة بأي معنى يكون تابع للدليل الدال عليه.
وأما الثاني فقد استدل عليها بوجوه:
الأول أصالة السلامة، وقد عول عليها في " الرياض " وقربها في " مصباح الفقيه " بما لا مزيد عليه، ومحصله أن أصل السلامة أصل معتبر معتمد عليه عند العقلاء كافة في جميع أمورهم معاشا ومعادا، ويشهد به تتبع الأخبار وسيرة العقلاء. وإن دم الحيض تقذفه الرحم بمقتضى طبعها ومع عدم انحرافها عن حالتها الطبيعية، و أما سائر الدماء حتى دم الاستحاضة دماء غير طبيعية منشأها خلل في المزاج أو آفة، فلا يعتني العقلاء باحتمال ينافي أصالة السلامة، فعند الاشتباه بين دم الحيض وغيره لا بد من البناء على الحيضية عملا بأصل السلامة.
ثم بالغ في التأييد والاستشهاد بطوائف من الأخبار يأتي الكلام فيها إن شاء الله، وجعل جميعها دليلا على كون الأصل في دم النساء هو الحيضية، وأن ملاحظة سيرة النساء والأسئلة والأجوبة الواردة في الأخبار تكاد تلحق المسألة بالبديهيات - إلى آخر ما فصل وقرر -.
ويمكن المناقشة فيه بوجوه:
منها أن بناء النساء على أن الدم المقذوف حيض لو سلم فكونه لأجل الاتكال