الحيضة الواحدة أقل من عشرة أيام، وأن ما دلت على أن أدنى الطهر عشرة مختصة بما بين الحيضتين. منها موضعان من مرسلة يونس: أحدهما قوله " وإن انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلت " حيث إن الأمر بالاغتسال إنما يكون للحيض المحتمل والأمر بالصلاة لكونها طاهرة. وفيه أنه كما يحتمل أن يكون ذلك لأجل احتمال الحيض يمكن أن يكون لأجل احتمال الاستحاضة. ويمكن أن يقال: إن الثاني موافق للأصل بناء على أن هذه المرأة إذا لم تكن حائضا فهي مستحاضة شرعا، وإحراز عدم كونها حائضا بالأصل، ولو أغمض عن ذلك أو استشكل فيه فلا ظهور للرواية في تعيين شئ من الاحتمالين. كما أن الأمر بالصلاة يمكن أن يكون للتكليف الظاهري واستصحاب عدم كونها حائضا فلا ظهور لها في ما ادعى صاحب الحدائق وثانيهما قوله (فذلك الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض) حيث حكم بحيضية الدمين، ولو كان النقاء حيضا كان عليه بيان حيضية المجموع. وفيه أن الظاهر من قوله " فذلك الذي رأته في أول الأمر " إلى قوله " من الحيض " حيث أتى بلفظة " من " الظاهرة في التبعيض أن مجموع الدم الأول والثاني بعض الحيض، وهو لا يتم إلا بكون النقاء حيضا، وإلا كان تخلل " من " التبعيضية غير مناسب، بل كان عليه أن يقول: هو الحيض، لا هو من الحيض. نعم، لو كان الضمير راجعا إلى بعض الدم كان تخللها صحيحا، لكن لا إشكال في رجوعه إلى كله وهو لا يستقيم إلا بما ذكرنا.
هذا، مضافا إلى أن كون الوسط طهرا موجب لاستقلال الدمين في الوجود، فجعلهما واحدا ومن حيضة واحدة لا يستقيم إلا بتأول وتجوز واعتبار وحدة. مع أن تصريحه في موضعين منها بأن الطهر لا يكون أقل من عشرة لا يناسب بيان أقليته منها، فمن يريد أن يبين أن الطهر يمكن أن يكون أقل من عشرة أيام لا يقول بقول مطلق إن أدنى الطهر عشرة أيام، ولا يذيل كلامه بأن الطهر لا يكون أقل من عشرة.
وأضعف مما ذكر الاستدلال بآخر المرسلة حيث قال " عدت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام " وقد مر الكلام في الجمل الأخيرة منها.