ينفصل بينهما أقل الطهر من الدم الغير المتميز، فهل تعمل على العادة كما عن المشهور، أو على التمييز كما عن الظاهر الخلاف والمبسوط، أو تتخير بينهما كما عن الوسيلة؟
لا ريب في أن العادة مقدمة لما يظهر من مرسلة يونس وموثقة إسحاق بن جرير أن ذات العادة لا وقت لها إلا أيامها المعلومة، وأن الرجوع إلى التمييز متأخر عن الرجوع إلى العادة التي هي أقوى الأمارات، وأن الصفرة والكدرة في أيام العادة حيض، فلا إشكال في المسألة، بل الظاهر أن ذات العادة الوقتية فقط ترجع في وقتها إلى عادتها، وترجع إلى غيرها من التمييز وغيره في عددها، وكذا ذات العددية ترجع في العدد إلى العادة وفي الوقت إلى غيرها، كما يظهر ذلك كله من المرسلة، وتقدم بعض الكلام فيها.
المسألة الثالثة في الناسية، وفيها جهات من البحث. الجهة الأولى:
الناسية إما ناسية للعادة وقتا وعددا، أو وقتا فقط مع ذكر عددها، أو عددا مع ذكر وقتها، وأيضا قد تكون ناسية للوقت والعدد مطلقا، وقد تكون ذاكرة في الجملة لهما وناسية كذلك، كما إذا علمت أنها في أول الشهر كانت حائضا ولم تعلم أن أول الشهر أول حيضها أو آخره أو وسطه، هذا بالنسبة إلى الوقت، وأما في العدد فكما إذا علمت أنه لم يكن أقل من خمسة أيام ونسيت الزيادة أنها يوم واحد أو أكثر، وقد تكون ذاكرة في الجملة لأحدهما و ناسية للآخر مطلقا، وأيضا قد تكون ذاكرة لكون حيضها في النصف الأول من الشهر مثلا وناسية لمحله من النصف، وحينئذ قد يكون تمييزها في هذا النصف من الشهر، وقد يكون في النصف الآخر، وأيضا قد تعلم أن عادتها في كل شهر مرة واحدة وقد تنسى ذلك، وأيضا قد يكون تمييزها بمقدار عددها، وقد يكون أقل، وقد يكون أكثر. والحاصل أن الناسية قد تكون غير ذاكرة بقول مطلق لا تكون لها جهة ذكر مطلقا، وقد تكون ذاكرة لجهة من الجهات، وعلى أي تقدير قد تكون ذات تمييز وقد لا تكون كذلك الجهة الثانية: لا ينبغي الاشكال في رجوع الناسية ذات التمييز إلى التمييز