القليل والكثير، وفيه أنه ليس في الأخبار على كثرتها ما أنيط فيه حكم بالمسمى بنحو الاطلاق غير رواية الخلقاني المتقدمة، وقد ذكرنا إهمال قوله " غسل النفساء واجب ".
المسألة الثالثة لا إشكال في أن للنفاس في جانب الكثرة حدا، فما في رواية المرادي من نفي الحد له الظاهر في نفيه في الجانب الأكثر - مع ضعف سندها بأبي جميله الضعيف الذي قالوا فيه إنه كذاب يضع الحديث، وبمجمولية أحمد بن عبدوس - مطروح أو مؤول، كمرسلة المقنع. وقد وقع الخلاف في حد الأكثر، فعن المشهور أن أكثره عشرة، وقد حكيت الشهرة عن التذكرة و الذكرى وكشف الالتباس وجامع المقاصد وفوائد الشرائع وشرح الجعفرية و الروضة، وعن الجعفرية أنه الأشهر، وعن المبسوط وكشف اللثام أنه مذهب الأكثر، وعن موضع من الذكرى أنه مذهب الأصحاب، وعن كشف الرموز أنه الأظهر بين الأصحاب، وعن الخلاف والغنية الاجماع عليه.
ولا يبعد أن يكون مراد المشهور أن العشرة حد قعود النساء في النفاس مطلقا بل مرادهم أنه لا يتجاوز نفاس عن عشرة أيام، كما أن قولهم في الحيض أن أكثره عشرة أيام هو ذلك، ولا ينافي ذلك وجوب رجوع بعض النفساوات إلى غير العشرة كذات العادة مع تجاوز دمها عنها، فإن الرجوع إلى العادة حكم ظاهري ولا تكون أيام العادة حدا للنفاس، ولا يبعد أن يكون مرادهم من أن الحد له عشرة أيام هو الحد للنفاس واقعا، واتكلوا في حكم ذات العادة على ما قالوا من أن حكم النفساء حكم الحائض مطلقا إلا ما استثني، وإطلاق كلام بعضهم أن النفساء تقعد عشرة أيام إلا أن تطهر قبل ذلك لا ينافي رجوع ذات العادة إلى عادتها مع التجاوز، لامكان كون المراد أنها تقعد إلى عشرة أيام استظهارا.
وبالجملة كون الحد الواقعي عشرة أيام لا ينافي رجوع ذات العادة مع استمرار دمها وتجاوز عن العشرة إلى عادتها، فإنه حكم ظاهري لا حد واقعي، فما عن الشهيد في الذكرى أن الأخبار الصحيحة المشهورة تشهد برجوعها إلى عادتها