الأمراض لا تقذف بحسب النوع أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من عشرة أيام وقذف الأقل والأكثر منهما بحسب الطبع نادر جدا وكذا الحال بالنسبة إلى ما قبل البلوغ وبعد اليأس حدد الشارع لدم الحيض حدودا، فجعل أقل الحيض ثلاثة وأكثره عشرة وعلق أحكاما على الدم المقذوف من الثلاثة إلى العشرة، بحيث لو علمنا أن الأقل أو الأكثر هو الدم المعهود المقذوف وكذا لو قذفت قبل البلوغ وبعد اليأس و علمنا أنه هو المعهود المقذوف بحسب طبيعتها الشخصية لم نحكم بحيضيته ولم نرتب عليه أحكامها، لتحديد الشارع موضوع حكمه، فلا يكون الدم الطبيعي مطلقا موضوعا لحكمه، بل ألغى النادر عن الحساب وحكم عليه بغير حكم الحيض، فالأقل من الثلاثة ليس من الحيض كالأكثر من العشرة، وكالمرئي في حال الصغر واليأس وغير ذلك مما حدده الشارع. ثم إذا اختل الرحم وخرج عن السلامة والصحة و الاعتدال التي لنوع الأرحام قذفت الأقل أو الأكثر، فاستمرار الدم لعارض، وعدم الرؤية على طبق عادات النوع أيضا لعارض وخلل، ولذا يحتاج كل ذلك إلى العلاج واسترجاع الصحة والسلامة.
ولما كانت الأرحام في غير أحوالها الطبيعية وفي حال اختلالها وخروجها عن الاعتدال لا تقذف نوعا الدم الصالح الطبيعي بل يكون غالبا فاسدا كدرا له فتور مما هي لازمة لضعف المزاج وخروجه عن الاعتدال جعل الشارع المقدس الصفات الغالبية أمارة على الاستحاضة أي الدم المقذوف حال خروج المزاج والرحم عن الاعتدال نوعا. فالصفات أمارات غالبية يرجع إليها لدى الشك، إلا إذا قام الدليل على خلافها.
إذا عرفت ذلك فالكلام يقع في مقامات:
المقام الأول: في الأوصاف التي جعلت بحسب الروايات أمارة، وهي كثيرة مستفادة منها إما لذكرها فيها أو لذكر مقابلها للحيض مع الدوران بينهما. ففي صحيحة معاوية بن عمار ذكر البرودة صفة للاستحاضة مقابل الحرارة للحيض، و في موثقة إسحاق بن جرير جعل الفساد والبرودة صفة الاستحاضة، والحرقة والحرارة