استحاضة يمكن استفادة حكمها من بعض الأدلة في الجملة، فإن الظاهر من مثل قوله " وإذا رأت الصفرة في غير أيامها توضأت " وقوله " ما دامت ترى الصفرة فلتتوضأ من الصفرة " أن لها سببية للوضوء، وأن دم الاستحاضة حدث يوجب الوضوء وضعا، فيكون المقام نظير ما ورد في سببية النوم والبول للوضوء مما يعلم منه كونهما سببين من غير فرق بين صدورهما من الصغير والكبير والمجنون وغيرهم، فقوله " فلتتوضأ من الصفرة " ظاهر في سببية طبيعتها للوضوء، ويكون إيجاب الوضوء إرشادا إلى السببية، فيفهم العرف أن نفس الطبيعة سبب وضعا للوضوء وإن كان التكليف لا يتعلق بالصغيرة في حال صغرها. والانصاف أن الحكم ثابت بعد تحقق الموضوع، نعم مع الشك في تحققه كما لو رأت الصغيرة الدم في أوائل سني ولادتها لا يمكن إثبات الحكم. والظاهر أن مثلها خارج عن نظر الفقهاء رضوان الله عليهم.
(فرع) كان مقتضى الترتيب ذكر جواز اجتماع الحمل والحيض في باب الحيض، لكن لما كان بحثنا على ترتيب الشرائع وقع في بعض المباحث خلاف ترتيب، و الأمر سهل.
وقد اختلفت كلمات الأصحاب اختلافا كثيرا في هذا الفرع، فقيل باجتماعهما مطلقا كما عن المبسوط في العدد، والفقيه والمقنع والناصريات، وعن كثير من كتب العلامة وعن الشهيد والمحقق الثاني وغيرهم. وعن المدارك أنه مذهب الأكثر، وعن جامع المقاصد أنه مذهب المشهور، بل عن الناصريات الاجماع عليه، وفي الجواهر أنه المشهور نقلا وتحصيلا. وقيل بعدمه مطلقا كما عن الكاتب والمفيد والحلي والعجلي، وهو مختار الشرائع، وعن النافع أنه أشهر الروايات، وعن شرح المفاتيح، وادعى تواتر الأخبار في ذلك، ولعل المراد بأشهر الروايات أو الروايات المتواترة الروايات الواردة في الأبواب المتفرقة، كما وردت في استبراء الجواري والسبايا وما وردت في جواز طلاق الحامل على كل حال وغيرها مما سيأتي الكلام فيها. وقيل بالتفصيل