الفترة الواسعة موضوعا لحكم شرعي. كما أن التشبث باستصحاب الصحة أو الطهارة وأمثالهما في غير محله، بعد ثبوت حدثية الدم وعدم الدليل على العفو و اشتراط الصلاة بالطهور، فيكون الاستصحاب محكوما لتلك الأدلة على فرض الجريان. نعم، لو أنكرنا سببية مطلق الدم للغسل كان له مجال، ومع عدمه تكفي أصالة البراءة، لكن ما مر هو الأقوى. ومما ذكرنا يظهر حال بقية الصور، فتدبر.
(الأمر الثالث) الظاهر جواز تفريق الصلوات والغسل لكل صلاة، لعدم استفادة كون الجمع بين كل صلاتين عزيمة بعد ظهور كون ذلك لمراعاة حال النساء. وقد حكي عن المحقق الثاني وصاحب المدارك القطع بالجواز، وتبعهما كثير من متأخري المتأخرين. ويمكن أن يستدل عليه بجملة من الروايات، كصحيحة يونس بن يعقوب، وفيها " وإن رأت دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة " لأن وقت الصلاة في تلك الأزمنة كان هو الأوقات المعهودة التي كان المسلمون يجتمعون فيها لإقامة الصلوات حتى اشتهرت الأوقات الخمسة وصارت معهودة بحيث ينصرف إليها اللفظ. بل يمكن استفادة الاستحباب من مثلها بعد كون الظاهر أن الأمر بالجمع وتعجيل العصر والعشاء وتأخير الظهر والمغرب لمحض الترخيص وملاحظة حالهن.
ويمكن أن يستدل عليه بوجه آخر، وهو أنها لو فرقت بين الصلاتين عمدا أو نسيانا فصلت الظهر بغسل وتركت العصر، فلا يخلو إما أن يجب عليها إعادة الظهر والجمع بينهما بغسل، أو لا يجب عليها العصر أيضا، أو يجب عليها العصر بلا غسل ويجوز لها الاكتفاء بغسلها للظهر، أو يجب عليها الغسل للعصر. لا سبيل إلى شئ من الاحتمالات إلا الأخير منها، ضرورة أنه لا وجه لإعادة الظهر لعدم مغايرة تكليفها في صلاة الظهر لسائر المكلفين، تأمل، وبداهة وجوب العصر عليها وعدم سقوطها عنها، والاكتفاء بالغسل المتقدم مخالف لظواهر الأدلة، ولما مر من كون الدم بذاته حدثا مع عدم ثبوت العفو مع التفريق، فيبقى الاحتمال الأخير. ولا ريب