الاجماع القائم على فرضه لو لم يكن مفاده التحقق الواقعي فلا أقل من ظهوره في التعبد بتحققه، فإن معقده أن كل دم أمكن أن يكون حيضا فهو حيض، فهو إما بصدد بيان أن أسباب الحيضية وعللها متحققة لولا الامتناع، والامكان مساوق للتحقق الواقعي فتكون أمارة للواقع، أو بصدد بيان التعبد بوجودها عند إمكانها فلا محالة يكون أصلا محرزا. ومع التعبد بوجودها مرتين تنسلك في موضوع ما دل على أن العادة تحصل بأدنى الأقراء وهو حيضتان، كما ينقح موضوع الأدلة الاجتهادية بالأصول المحرزة في غير المقام.
ومن هذا يظهر حال الاقتداء بالأقراء لو أخذنا برواية سماعة، فإن قوله " أقراؤها مثل أقراء نسائها " (1) إما أمارة بقرينة أن مماثلة حالات النساء في طائفة أمارة على كشف حال مورد الشك، ولو أغمض النظر عنه فلا أقل من أن لسانها لسان التعبد بأن أقراءها مثل أقرائهن، فإذا كانت أقراؤهن خمسة في أول الشهور يكون قرؤها كذلك، فمع الاقتداء بهن مرتين ينقح الموضوع كما مر، ويأتي هذا الكلام في الاستصحاب أيضا على ما حققنا في محله أن الاستصحاب في الموضوعات منقح لنفس موضوع الأدلة الاجتهادية، فتبصر.
ومما ذكرنا يظهر حال غيرها من الفروع كما لو ثبتت الحيضتان بأمارتين مختلفتين، كأن يكون أحد الدمين واجدا لبعض صفات الحيض والآخر لبعض آخر بعد فرض كون كل صفة أمارة مستقلة. وأما التفصيل بين جامع الصفات وغيره لحصول الظن القوي في الأول دون الثاني ففي غير محله بعد فرض أمارية كل صفة، فقوة لظن كأصل حصوله كالحجر جنب الانسان. فلا إشكال في تحقق العادة بالمرتين مطلقا حتى لو ثبتت إحدى الحيضتين بالتمييز والأخرى بالقاعدة، أو إحديهما بالقاعدة والأخرى بالرجوع إلى الأقران وهكذا. وعليك بالتأمل في ما مر واستخراج كل فرع يرد عليك.
الرابعة هل تحصل العادة بالمرتين مع حصول النقاء في البين أو لا؟ وعلى الأول هل العبرة بالدمين مطلقا، سواء كانت الرؤية في وقت واحد