الانتساب إلى القريش لو كان المراد بها الاستصحاب لما حقق في محله، وإن كان المراد بها الأصل العقلائي المستند إلى الغلبة وندرة الطائفة بين سائر الطوائف فلها وجه، وإن لم يخل من إشكال منشأه عدم ثبوت هذا الأصل وعدم ندرة هذه الطائفة بحد يتكل العقلاء على الأصل لدى الشبهة. نعم، لا بأس بها مع الشك في النبطية لاحتمال الانقراض رأسا، فاحتمال النبطية ضعيف إلى حد لا يعتني به العقلاء.
(الأمر الثالث) لا إشكال نصا وفتوى في عدم كون ما رأت المرأة أقل من ثلاثة أيام حيضا، و نقل الاجماع عليه مستفيض، وعن الأمالي أنه من دين الإمامية الذي يجب الاقرار به، وعن المعتبر: هو مذهب فقهاء أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. نعم، يقع الكلام ههنا في جهتين:
الجهة الأولى وهي التي لا تختص بالمقام وقد مر فيها بعض الكلام أن الروايات الواردة في حدود الحيض كعدم كونه قبل التسع وبعد اليأس، وعدم كونه أقل من ثلاثة أيام وأكثر من عشرة أيام هل هي في مقام تحديد واقع الحيض وأن ما خرج على خلاف تلك الحدود ليس من الحيض تكوينا، بل من مبدأ آخر، إما من عرق العاذل أو من القرحة في الجوف أو غير ذلك، أو في مقام التحديد الشرعي بمعنى جعل الشارع موضوع الأحكام صنفا خاصا من دم الحيض لا مطلقه، كما جعل موضوع السفر صنفا خاصا من السفر، فقبل ثمانية فراسخ و إن كان سفرا واقعا لكن لا يترتب عليه الأحكام، وكذا سفر المعصية والصيد، فكذا لو فرض تحقق دم الحيض أي الدم الطبيعي المعهود قبل التسع أو بعد الخمسين أو أقل من ثلاثة أو أكثر من عشرة لم يكن موضوعا للحكم الشرعي، أو في مقام بيان جعل الشارع أمارات للحيض عند الاشتباه، وكانت الأحكام مترتبة على واقع الحيض ونفس طبيعة الدم المعهود، لكن لما كان الموضوع غالبا مورد الاشتباه جعل أمارات