" فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم وإدباره وتغير لونه " إلى غير ذلك من الخصوصيات.
فتحصل مما ذكرنا أن من لها خلق معروف سواء كان خلقها العدد والوقت أو أحدهما أو كان مركبا في الوقت أو في العدد أو في كليهما وكذا سائر أقسام الخلق فسنتها الرجوع إلى خلقها المعروف وعادتها المعلومة لا سنة لها غيرها، ولا إشكال في تلك الكبرى الكلية واستفادتها من الرواية بعد النظر التام في فقراتها والتأمل في خصوصياتها، كما قال الإمام عليه السلام في صدرها " بين كل مشكل لمن سمعها وفهمها ".
فحينئذ يقع الكلام في أنه هل يستفاد من ذيل المرسلة أن الحيضتين مطلقا وفي جميع الفروع وصغريات الكبرى الكلية موجبتان لتحقق العادة، أو يختص ذلك بموضع ومحل خاص ولا يتجاوز منه؟ ووجه الاختصاص هو أخذ خصوصيات في المرسلة في الموضوع منها كون الحيضتين من المرأة المبتدئة لا غيرها، فإن قوله " فإن انقطع الدم في أقل من سبع " راجع إلى من استمر بها الدم أول ما رأت وهي قسم من المبتدئة، فالعادة تحصل بالحيضتين بالنسبة إليها خاصة. ومنها تحققهما في شهرين هلاليين لا غيرهما كما هو ظاهر الشهر في لسان الشرع. ومنها استواؤهما أخذا وانقطاعا، لقوله " فإن انقطع الدم لوقته من الشهر الأول سواء " فالوقت إشارة إلى المحل من الشهر، والسواء إلى العدد، فلا بد من اختصاص الحيضتين لتحصيل العادة الشرعية التعبدية بالموضوع الذي دلت عليه المرسلة، وفي ما سواه ترجع إلى العادة العرفية ومع عدمها إلى الصفات.
لكن الانصاف أن المرسلة آبية عن دخل تلك الخصوصيات في موضوع حصول العادة، لأن الإمام عليه السلام بين لنا طريق استفادة كفاية الحيضتين في حصول العادة والوقت والخلق المعروف حيث قال بعد قوله " فقد علم الآن أن ذلك قد صار لها وقتا وخلقا معروفا تعمل عليه وتدع ما سواه " بهذه العبارة: " وإنما جعل الوقت إن توالى عليه حيضتان أو ثلاث لقول رسول الله صلى الله عليه وآله للتي تعرف أيامها: دعي الصلاة أيام أقرائك،