المطلب الثاني في أقسام الاستحاضة المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا شهرة كادت أن تكون إجماعا كما في الجواهر أن للاستحاضة أقساما ثلاثة: القليلة، والكثيرة، والمتوسطة. خلافا للمحكي عن ابن أبي عقيل، فأنكر القسم الأول، وعن ابن الجنيد وابن أبي عقيل أيضا و الفاضلين في المعتبر والمنتهى إدخال الثانية في الثالثة، فأوجبوا الأغسال الثلاثة فيها، والمحقق الخراساني فصل بين الدم والصفرة، وقسم الدم قسمين: الأول أن يثقب الكرسف فأوجب فيه الأغسال الثلاثة، والثاني أن لا يثقب فأوجب الغسل في كل يوم مرة واحدة والوضوء لكل صلاة. وقسم الصفرة أيضا على قسمين: القليلة، فأوجب فيها الوضوء لكل صلاة ولم يوجب الغسل، والكثيرة فأوجب فيها الأغسال الثلاثة، وادعى أن ذلك مقتضى الجمع بين الأخبار، بحمل مطلقها على مقيدها و تقديم نصها على ظاهرها.
والحق هو القول المشهور، لا لصريح الفقه الرضوي الموافق لفتوى الصدوق و إن لم يخل من وجه، لتطابق الفتاوي على وفقه بعد كون الاختلاف بينهما في اللفظ دون المعنى، بل لأن تثليث الأقسام في الجملة مقتضى الجمع بين الروايات.
ففي رواية معاوية بن عمار الصحيحة على الأصح عن أبي عبد الله عليه السلام: فإذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر - إلى أن قال - وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء. (1) فأوجب الأغسال الثلاثة للثاقب الأعم من السائل وغيره، والمتجاوز عن الكرسف وغيره، ولغير الثاقب لم يوجب إلا الوضوء وفي صحيحة زرارة في النفساء: فإن انقطع الدم، وإلا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت، وإن جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ثم صلت