المقصد الثاني في الاستحاضة وقد اختلفت كلمات اللغويين فيها، ففي الصحاح: استحيضت المرأة أي استمر بها الدم بعد أيامها، فهي مستحاضة. وقريب منه عن نهاية ابن الأثير. ويشعر ذلك بعدم الاستعمال المعلوم فيها مع استعمالها كرارا في مرسلة يونس الطويلة. وفي القاموس: والمستحاضة من يسيل دمها لا من الحيض بل من عرق العاذل. وقال أيضا:
العاذل عرق يخرج منه دم الاستحاضة. وبه قال الجوهري أيضا. ونقل عن ابن عباس أنه قال حيث سئل عن دم الاستحاضة: ذاك العاذل. وعن المغرب: استحيضت - بضم التاء - استمر بها الدم. وفي المجمع: إذا سال الدم من غير عرق الحيض فهي مستحاضة. ولم يذكر في المنجد الاستحاضة ولا عرق العاذل. وعن الزمخشري:
الاستحاضة تخرج من عرق يقال له العاذل. وعن الفائق: كان تسمية ذلك العرق بالعاذل لأنه سبب لعذل المرأة أي ملامتها عند زوجها.
والمظنون أن اللغة في المقام لا تخلو عن شوب بما عن الشرع، ولعل قول ابن عباس في بعض الروايات كبعض فقرات مرسلة يونس على بعض النسخ صار منشأ لذلك، وعدم ذكر المنجد ما ذكره غيره غير خال عن التأييد لما ذكرنا، وإلا فمن المستبعد جدا بل كاد أن يكون ممتنعا أن تكون الاستحاضة بتلك الحدود التي لها في الشرع أو أفتى بها الفقهاء منطبقة على ما ذكره الجماعة من خروجها من عرق العاذل وكون مجراها غير مجرى الحيض، فيكون الدم إلى آخر دقائق اليوم العاشر مثلا خارجا من عرق الحيض، وبعد ذلك ينسد ذلك العرق وينفتح عرق العاذل لدفع الاستحاضة.