فإن الحيض أي الدم المعهود قد يكون أكثر من عشرة أو أقل من ثلاثة، ولا يمكن الالتزام بأن الدم إلى الساعة الأخيرة من اليوم العاشر حيض تكوينا وله مجرى، و إذا بلغ آخر العشرة انسد الطريق المخصوص بالحيض وانفتح طريق آخر، وإن كان ظاهر بعض الروايات تحديد الواقع كمرسلة يونس القصيرة وغيرها، لكن ورود التحديد في لسان الشارع محمول على التحديد التعبدي لا التكويني، لعدم اهتمام الشارع في مقام بيان الأحكام وموضوعاتها ببيان حال التكوين، بل همه بيان موضوع أحكامه.
الجهة الثانية هل يشترط التوالي في رؤية الدم ثلاثة أيام فلا يحكم بحيضية ما تراه ثلاثة متفرقة ولو بين العشرة، أو يكفي كونها في جملة العشرة، أو يكفي كونها متفرقة بحيث لا يتخلل بين أبعاضها عشرة أيام، أو يفصل بين الحامل وغيرها؟ والمشهور هو الأول كما في المسالك والحدائق والجواهر وطهارة الشيخ الأعظم وعن الذكرى وشرح المفاتيح، وتدل عليه قبل الأصول التي يأتي البحث عنها الأخبار الكثيرة الدالة على أن أقل الحيض ثلاثة أيام. ففي صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام، وأكثر ما يكون عشرة أيام. (1) ومثلها أو قريب منها غيرها. تقريب الاستدلال بها أن الحيض إما الدم المعهود أو سيلانه أو أمر معنوي محصل به، وعلى أي حال لا يصدق كون أقله ثلاثة أيام إلا مع الاستمرار، فإن الدم إذا جرى يوما وانقطع يوما ثم جرى يوما وانقطع يوما ثم جرى يوما وقلنا بأن هذه الدماء حيض يكون أقل الحيض يوما واحدا، ضرورة أن الدم في اليوم الأول بعد تعقبه بالثاني والثالث يكون دما مستقلا منقطعا عن الدمين المتأخرين، وهو حيض حسب الفرض، فيكون أقل الحيض يوما واحدا لا ثلاثة أيام، إلا بتأويل وتوجيه يأتي الكلام فيه.
وبعبارة أخرى: إن الدم وكذا كل أمر تدريجي الوجود ما دام كونه سائلا يعد مصداقا واحدا للطبيعة، وإذا انقطع وتخلل بينه وبين قطعة أخرى نقاء أو طهر