يدعى تواترها دلت على أن الصفرة في أيام الحيض حيض. وتنظر في دلالة هذه الروايات بعض المحققين بأن مفادها ليس إلا أن ما تراه من صفرة أو كدرة في أيامها فهو من الحيض، وقد ثبت بالنص والاجماع تقييدها بما إذا لم يكن أقل من ثلاثة أيام، فالحكم بتحيضها برؤية الدم مع عدم العلم بأنه يستمر ثلاثة أيام يحتاج إلى دليل آخر. وهو لا يخلو من غرابة، لأن ما دل على أن الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيام إنما هو في مقام تحديد حدود الحيض، وهو لا ينافي لزوم التحيض مع قيام الأمارة على الحيضية بمجرد الرؤية. نعم، لو كانت الأمارة متقيدة بذلك كان لما ذكره وجه، لكنه ضعيف مخالف للأدلة. هذا، مع إمكان التشبث بالأصل لبقاء الدم ثلاثة أيام.
فالتحقيق أن الصفرة والكدرة في أيام العادة بما أنها طريق شرعي إلى حيضية ما وقع فيها محكومة بالحيضية ما لم يعلم الخلاف، ولا يتوقف الحكم بحيضية ما وقع فيها على إحراز سائر شرائط الحيض وعدم موانعه، ولا إحراز القيود المعتبرة فيه كما هو الشأن في كل أمارة قائمة على موضوع. نعم، بعد انقطاع الدم قبل تمام الثلاثة يعلم بعدم الحيضية فتسقط الأمارة، وهو واضح.
ويدل على المقصود مضافا إليها صحيحة محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيامها، فقال: لا تصلي حتى تنقضي أيامها، وإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت. (1) ورواية إسماعيل الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيام عادتها لم تصل، وإن كانت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلت. (2) ومرسلة يونس القصيرة، قال: فإذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة، فإن استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي حائض. (3) ثم إنه لا فرق في التحيض بمجرد الرؤية في الوقت بين ذات العادة الوقتية مع العددية التامة أو الناقصة في المورد المتيقن من العدد لاطلاق الأدلة وكون الأيام أيامها.