مذهب علمائنا أجمع أن الاستحاضة حدث تبطل الطهارة بوجوده، فمع الاتيان بما ذكر من الوضوء إن كان قليلا والأغسال إن كان كثيرا يخرج عن حكم الحدث لا محالة وتستبيح كل ما تستبيحه الطاهر من الصلاة والطواف ودخول المساجد وحل وطئها وإن لم تفعل كان حدثها باقيا ولم يجز أن تستبيح شيئا مما يشترط فيه الطهارة. (انتهى) وعن التذكرة قريب منها، والمستفاد منهما أنها مع عدم الاتيان تكون محدثة، و هذا هو الذي دلت عليه الأدلة، ضرورة أن الأمر بالوضوء والغسل لصلاتها لكون الدم حدثا، وهما رافعان له حكما.
فتحصل أن الظاهر من الأدلة بل الاجماع هو عدم جواز ما يشترط فيه الطهارة إلا بالاتيان بالوظائف، وأما ما لا يكون مشروطا بها كدخول المسجدين والمكث في سائر المساجد وقراءة العزائم فلا يستفاد منها تحريمه عليها، ولا قام الاجماع أو الشهرة على التحريم بعد كون المسألة محل خلاف قديما وحديثا.
نعم قد وردت في خصوص الوطئ روايات لا بد من البحث عنها مستقلا فنقول:
قد اختلفت الآراء في جواز وطئ المستحاضة، فقيل بالإباحة مطلقا من دون توقفه على شئ كما عن البيان والمدارك والكفاية والتحرير والموجز ومجمع البرهان، وقيل بالكراهة كما عن المعتبر والتذكرة والدروس والروض وكشف الالتباس و الذخيرة وجامع المقاصد وشرحي الجعفرية، وقيل بتوقفه على جميع ما عليها من، الأفعال كما نسب إلى ظاهر المقنعة والاقتصاد والجمل والعقود والكافي والاصباح و السرائر، بل عن المعتبر والتذكرة والذكرى نسبته إلى ظاهر الأصحاب، وقيل بتوقفه على الغسل والوضوء كما عن ظاهر المبسوط، وقيل بتوقفه على الغسل خاصة كما عن الصدوقين، بل ربما احتمل تنزيل كلمات كثير منهم على هذا القول واستدل للجواز بعد الأصل وعمومات حل الأزواج وخصوص قوله " حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن " بإطلاقات روايات:
منها صحيحة صفوان عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: إذا مكثت المرأة عشرة أيام ترى الدم ثم طهرت فمكثت ثلاثة أيام طاهرا ثم رأت الدم بعد ذلك