ومما ذكرنا من عدم تعبدية الاحتشاء والاستثفار وكونهما لأجل التحفظ عن الدم يعلم أنه لا كيفية خاصة لهما، فلو أمكنها التحفظ بكيفية أخرى مثلها فلا إشكال في كفايتها، فلا داعي إلى تحصيل معنى الاستثفار والاستذفار والتحشي والاحتشاء، كما أن الاستذفار إن كان بمعنى التطيب والاستجمار بالدخنة وغير ذلك لا يكون واجبا بلا إشكال، بل لا يبعد أن يكون الاستذفار بمعنى الاستثفار، ويكون التفسير بالتدخين من الشيخ الكليني كما احتمله في الوافي (الأمر السابع) قال المحقق: وإذا فعلت ذلك كانت بحكم الطاهر. وقال العلامة في القواعد:
ومع الأفعال تصير بحكم الطاهر. وفي مفتاح الكرامة: إجماعا كما في الغنية و المعتبر والتذكرة ومجمع البرهان وشرح الجعفرية وكشف الالتباس، وفي المنتهى:
أنه مذهب علمائنا، وفي المدارك: لا خلاف فيه بين العلماء (انتهى).
ومنطوق هذه القضية على إجماله مما لا إشكال فيه، لكن يحتمل أن يكون المراد منه أنها بحكم الطاهر، لا أنها طاهرة، فلا يجري عليها حكما الطاهر الحقيقي، بل التنزيلي بمقدار دلالة دليل التنزيل، فحينئذ يكون المقصود أنه لا يترتب عليها جميع أحكام الطاهر مثل مس الكتاب وغيره، لكن الظاهر أن هذا الاحتمال كاحتمال كون المقصود تبيين ما تقدم من الأحكام غير وجيه، ولهذا استثنى الشيخ وابن حمزة دخول الكعبة منه لمرسلة يونس، وقد عدوا الشيخ مخالفا لهذا الحكم، ويحتمل أن يكون المراد أنها بحكم الطاهر إلى الاتيان بما فعلت لأجله، فيكون إيجاد الغاية التي اغتسلت لأجلها نهاية للحكم، بمعنى أن العفو لا يكون إلا إلى تمام العمل الذي اغتسلت له، ويحتمل أن يكون بحكمه إلى خروج الوقت أو إلى دخول وقت خطاب آخر، أو إلى زمان الاشتغال بغسل آخر، أو تكون بحكمه في جميع الآثار، فلها مس الكتاب وغيره، أو أنها بحكم الطاهر في ما تضطر إلى إتيانه كالطواف الواجب وركعتيه، لا كمس الكتاب والآتيان بالصلوات المستحبة.