وجوب النظر لتشخيص الحال. وفيه منع الظهور في ذلك، بل الظاهر أنها تمكث وتمهل حتى يظهر الدم على الكرسف، خصوصا بملاحظة قوله " زادت كرسفها " بل يحتمل أن يكون " تنظر " من باب الأفعال، وعلى أي تقدير تكون هذه الرواية أيضا موافقة لسائر الروايات. والانصاف أن التمسك بمثل تلك الروايات لذلك في غير محله كما يظهر بالتأمل فيها.
نعم يمكن أن يقال: إن الاختبار لو كان سهلا لا يحتاج إلا إلى وضع القطنة و اخراجها كان واجبا، لانصراف أدلة الأصول استصحابا أو غيره عما إذا كان العلم بالموضوع لا يحتاج إلى الفحص والتفتيش بل يحتاج إلى مجرد النظر والاختبار.
إلا أن يقال: إن عدم وجوب ذلك وجريان الأصل في مثله يستفاد من مضمرة زرارة الدالة على حجية الاستصحاب، وفيها " قلت: فهل علي إن شككت في أنه أصابه شئ أن أنظر فيه؟ قال: لا، ولكنك إنما تريد أن تذهب الشك الذي وقع في نفسك - الخ - " ولكن لم يظهر منها أن ذلك للاتكال على الاستصحاب حتى نقول بجريانه في أمثاله من غير خصوصية في الموضوع، فمن المحتمل أن في باب النجاسات مساهلات ليست في غيره، كما يظهر من روايات أخر، فالتفصيل بين ما كان التشخيص محتاجا إلى فحص ومقدمات وبين غيره لا يخلو من وجه.
ومن ذلك يظهر أن التشخيص إن كان متعذرا أو متعسرا تعمل على الأصول الموضوعية لو كانت أو الحكمية. ثم لا إشكال في أن وجوب الاختبار على فرض ثبوته ليس نفسيا ولا شرطيا، فلو لم تختبر وصلت مع حصول قصد القربة ومطابقة الواقع أو احتاطت بالأخذ بأسوأ الأحوال فلا ريب في صحة عباداته وعدم كونها عاصية. نعم، تكون في بعض الصور متجرية. ولو صلت وخالفت الواقع وقلنا بوجوب الاختبار استحقت العقوبة لمخالفة الواقع لا لترك الفحص.