ثم إنه بعد قيام الدليل على كون الدم حدثا وكون الخروج إنما هو في بعض الأحيان عفوا أو اسقاطا للسببية لا بد من قيام الدليل عليهما، والقدر المتيقن من الاجماع المدعي أو عدم الخلاف هو أنها بحكم الطاهر إلى زمان إتيان ما فعلت لأجله، فلو اغتسلت لصلاة الصبح فما لم تأت بها تكون بحكم الطاهر، وأما بعد الاتيان بها فلا دليل على العفو وكونها بحكمه وإن قال شيخنا الأعظم ويمكن دعوى الاجماع على كونها كذلك ما دام وقت الصلاة باقيا، فلو ثبت وإلا فالتحقيق ما عرفت، و مراعاة الاحتياط طريق النجاة.
ثم إن الظاهر جواز الاتيان بالوضوء والغسل للغايات الاضطرارية كالطواف و صلاته إذا ضاق وقتهما، أو مطلقا بدعوى فهمه من الأدلة بإلغاء الخصوصية بعد كون الأمر بالوضوء والغسل لتحصيل مرتبة من الطهارة بحسب ارتكاز المتشرعة و فهم العرف، وأما ما لا يجب عليها ولا تضطر إليه فلا دليل على العفو ولا يمكن فهمه من الأدلة. نعم، دلت رواية إسماعيل بن عبد الخالق على تقديم ركعتين قبل الغداة ثم إتيان الغداة بغسل واحد، لكنها مع ضعف السند لا تثبت إلا نافلة الفجر، ولها خصوصية لمكان أفضليتها من سائر الرواتب وكون تمام الوظيفة ركعتين، فلا يمكن التعدي إلى غيرها، إلا أن يتشبث بالاجماع المنقول عن الغنية والمعتبر والمنتهى و التذكرة وكشف الالتباس وشرح الجعفرية على أنها إذا فعلت ما تفعله المستحاضة كانت بحكم الطاهر، وهو لا يخلو من تأمل وإن لم يخل من وجه، والظاهر تسالمهم على جواز إتيان النوافل هذا كله في منطوق القضية المتقدمة، وأما مفهومها فلا يبعد أن يكون غير مراد، ولو كان مرادا فليس مفهومها إلا أنها مع عدم الاتيان بذلك ليست بحكم الطاهر، ولا يفهم منه إلا عدم كونها كذلك في الجملة. وأما كونها بحكم الحائض فلا، وإن كان يشعر به بعض العبارات بل بعض معاقد الاجماعات، لكنها ليسا بنحو يمكن الاعتماد عليهما في الخروج عن متقضى القواعد، بل ظاهر العبارة المحكية عن المعتبر يرفع الاجمال عن سائر العبارات ويبين المراد من المفهوم حيث قال: إن