والحاصل أنه لا دليل على ثبوت حكم لمطلق عنوان النفاس حتى يلزم الفحص والتحقيق لعنوانه لغة وعرفا. قوله " وغسل النفاس واجب " لا إطلاق فيه كما لا يخفى. واحتمال إطلاقها من حيث التعرض في غسل الاستحاضة لخصوصيات الكثيرة غير معتنى به بعد كونها في جميع الفقرات بصدد بيان أصل الوجوب. هذا مع أن تعليق الحكم في جميع الروايات على دم الولادة يوجب رفع اليد عن إطلاق في رواية واحدة على فرض تسليمه.
ولكن الأشبه بنظر العرف أن النفاس هو دم الولادة من النفس بمعنى الدم، و لو أطلق على نفس الولادة كما أطلق " المنفوس " في بعض الروايات على المولود فلا يبعد أن يكون بضرب من التأول باعتبار خروج الدم معها، وكذا على تنفس الرحم ولهذا نقل عن المطرزي أن اشتقاقه من تنفس الرحم أو خروج النفس بمعنى الولد فليس بذلك.
ومما ذكرنا يظهر أنه لو خرج الطفل تاما ولم يخرج الدم لم يكن لها نفاس.
فما عن الشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى الروايتين من ثبوت الحكم لها ليس بشئ.
نعم ربما يتوهم من بعض الروايات أن الولادة موضوع الحكم، كموثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام في المرأة يصيبها الطلق أياما أو يوما أو يومين فترى الصفرة أو دما، قال: تصلي ما لم تلد - الخ - (1) ومثلها موثقته الأخرى.
والظاهر أنهما واحدة، وجه التوهم أن المفهوم منها أنها إذا ولدت لم تصل، فتكون الولادة تمام الموضوع لحرمة الصلاة.
وفيه ما لا يخفى فإن الظاهر منها أن رؤية الصفرة والدم قبل الولادة لا توجب حرمة الصلاة دون بعدها، فحينئذ تدل الموثقة على ما هو المشهور من أن الدم موضوع الحكم لا الولادة. ويشهد له خبر زريق بن الزبير الخلقاني عن أبي عبد الله عليه السلام أن رجلا سأله عن امرأة حامل رأت الدم، فقال: تدع الصلاة، قال: فإنها رأت الدم