ليس بعزيز، بل مبنى فقه الاسلام على تقييد الاطلاقات وتخصيص العمومات.
وليعلم أن المطلقات على ضربين: أحدهما المطلقات الملقاة على أصحاب الكتب والأصول، وهي كثيرة وعليها مدار الفقه، وثانيهما ما يلقى على غيرهم ممن كان محتاجا في مقام العمل. ولا إشكال في أن رفع اليد عن الضرب الثاني بورود أمر أو نهي أو مثلهما غير ممكن للزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة، بخلاف الضرب الأول فإن إلقاء الاطلاقات والعمومات على أصحاب الكتب والأصول إلى ما شاء الله مع بيان مقيداتها ومخصصاتها منفصلة ببيان مستقل لأغراض ومصالح منها فتح باب الاجتهاد والدراسة، وفيهما من البركات وتشييد مباني الدين إلى ما شاء الله. ففيها يكون تقييد المطلق وتخصيص العام رائجا هينا، عليه بناء فقه الاسلام، ورفع اليد عنه مستلزم لتأسيس فقه جديد كما لا يخفى على المتتبع، بل لا نستبعد فيها تقييد مطلقات كثيرة بمقيد واحد، وههنا كلام آخر في باب المطلقات الكثيرة نطوي عنه كشحا حذرا من التطويل.
نعم لو كان ذيل مرسلة يونس أي قوله " وتحيضي في كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة - إلى أن قال - واغتسلي للفجر غسلا - الخ - " مطلقا في مقام البيان لكان رفع اليد عنه مشكلا، بل كان حمل الأمر على الاستحباب متعينا، لكن الشأن في إطلاقه، فإن الظاهر من صدر المرسلة إلى ذيلها أن عناية أبي عبد الله عليه السلام في نقل كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي جعفر عليه السلام إنما هي الاستشهاد بهما للسنن الثلاث، و أن ذات الأقراء سنتها الرجوع إلى أقرائها، وذات التمييز إلى التمييز، وغيرهما إلى السبع والثلاث والعشرين، من غير أن يكون نظره إلى بيان تكليف المستحاضة و إنما ذكر بعض تكاليفها ضمنا واستطرادا، كما أن نقل مقالة رسول الله صلى الله عليه وآله في القضايا الثلاث إنما هو بداعي الاستشهاد للمقصود المتقدم، فلم يكن أبو عبد الله عليه السلام بحسب سوق الرواية في مقام بيان جميع خصوصيات قصتي فاطمة وحمنة إلا ما له دخل في مقصوده، فذكر الأغسال الثلاثة لا يدل على كونه بصدد بيان جميع الخصوصيات فحينئذ يمكن أن حمنة كانت عالمة بتكليف الوضوء للاستحاضة الكثيرة وإنما