المقصود من قوله " إن لم يجز " خصوص الثاقب الغير المتجاوز، خصوصا مع ما في ذيلها من تأكيد مضمون الجملة ببيان مورد الحكم حيث قال " هذا إذا كان دما عبيط ا " فالانصاف أن الأخذ بظاهر هذه الروايات غير ممكن لمخالفته للنصوص والفتاوى (انتهى ملخصا).
وفيه ما لا يخفى، أما لزوم التقييد بالفرد النادر ففيه أن المضمرة تعرضت للأقسام الثلاثة، فأراد بالثاقب المتجاوز، لملازمة الثقب التجاوز نوعا، ويؤيده موثقته الأخرى حيث قابل فيها بين المتجاوز وغير المتجاوز، وصحيحة معاوية حيث عبر فيها بالثقب، وذكر بعده أمورا كانت قرينة على كثرة الدم وكونها من الكثيرة، والظاهر إرادة القليلة من الصفرة، لكونها نوعا قليلة غير نافذة، فيبقى غير المتجاوز المقابل لهما، وهو لا ينطبق إلا على المتوسطة. هذا مضافا إلى أن الندرة لو سلمت فإنما هي مقابلة الثاقب المتجاوز لا مقابلة عدم الثاقب، ومع التعرض للثاقب المتجاوز بقرينة ما ذكرنا لا يبقى مجال لاحتمال كون التقييد بشيعا. وبما ذكرنا ينحل الاشكال الثاني، لما عرفت من لزوم حمل الثاقب على المتجاوز للقرائن المتقدمة.
فتحصل من جميع ذلك أن الجمع بين شتات الروايات لا يمكن إلا بما ذهب إليه المشهور، ولا يلزم منه شئ مخالف لارتكاز العقلاء في الجمع بينها.
ثم إنه بحسب الاحتمال العقلي يحتمل أن يكون الغسل واجبا نفسيا، و يحتمل أن يكون واجبا شرطيا لصلاة الغداة، فلو صارت متوسطة بعد صلاة الفجر لم يجب عليها الغسل لسائر الصلوات وإن وجب لصلاة الغداة المستقبلة، ويحتمل أن يكون شرطا للصلوات إذا حصل الدم وقت صلاة الغداة، بمعنى أن ظهور الدم في ذلك الوقت حدث أكبر ولو حدث بعد صلاة الغداة، ويحتمل أن يكون واجبا شرطيا لجميع الصلوات، لكن لا بمعنى وجوب إيجاده قبلها بل بمعنى وجوب إيجاده في اليوم والليلة مرة، فيكون شرطا متقدما للصلاة المتأخرة، ومتأخرا للصلاة المتقدمة، ويحتمل أن يكون شرطا متقدما لجميع الصلوات، بمعنى أنه إذا حدث الدم قبل صلاة الفجر يجب الغسل قبلها ويكون شرطا لسائر الصلوات