عليها الغسل لعدم كونه دما مستمرا إلى وقتها. وهو كما ترى بكلا شقيه مخالف الأدلة ومذاق الفقه.
فبقي الاحتمالان الأخيران، وقد ذهب إلى كل عدة من المحققين، واختار ثاني الاحتمالين الشيخ الأعظم، ونسبه إلى العلامة والشهيدين وجامع المقاصد و جماعة أخرى من متأخري المتأخرين، ونسب أولهما إلى صريح الدروس و ظاهر الذكرى، وإلى المنقول عن الموجز وكشف الالتباس وحاشية الروضة لجمال الدين، وادعى ظهور الروايات في ما اختاره.
وقد تمسك صاحب الجواهر له بإطلاق النص والفتوى، وقال: وما يقال إن ظاهر الأخبار الاستمرار قد يمنع إن أراد به الاشتراط، نعم قد يشعر به ما في بعضها لكن لا ظهور فيها بالاشتراط، أي اشتراط وجوب الأغسال بالاستمرار المتقدم حتى تصلح لتقييد غيرها، سيما مفهوم قوله عليه السلام في خبر الصحاف " فإن كان الدم في ما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة (انتهى).
أقول: أما إطلاق الأدلة فعلى فرضه - كما لا يبعد في بعضها - مقيد بذيل صحيحة الصحاف الدال على أن الدم إذا كان صبيبا لا يرقأ يوجب الأغسال، ويفهم من قوله " لا يرقأ " ومن ذيلها أن المراد هو عدم الانقطاع في الأوقات الثلاثة، وإنما يرفع اليد عنه بالنسبة إلى الحادث في الأوقات بما تقدم، فتصير نتيجة رد المطلق إلى المقيد مع الوجه المتقدم في إلحاق الحادث في كل زمان بالمستمر إليه هو أول الاحتمالين.
وأما مفهوم صدر الصحيحة فعلى فرضه مطلق قابل للتقييد، مع أن الظاهر عدم إرادة المفهوم منه بعد تعرض المتكلم فيها لأقسام الدم والمستحاضة.
وأما استبعاد عدم كون الدم قبل الوقت حدثا ومخالفة هذا الدم لسائر الأحداث التي يكون وجودها مطلقا سببا، لعله في غير محله بعد اقتضاء الدليل، مع رفع الاستبعاد بعد عدم ترتب الأثر عفوا أو رفعا للسببية عن هذا الدم إذا سال في أثناء الغسل أو بينه وبين الصلاة أو في أثناء الصلاة، فأي مانع من العفو أو الرفع بالنسبة إلى