أيضا، فلو تركته بطل جميع صلواتها، ولو حدث بعد صلاة الغداة يجب عليها الغسل لسائر الصلوات إلى غير ذلك من الاحتمالات.
لا إشكال في أن الظاهر من الأدلة هو الاحتمال الأخير، فإن قوله في صحيحة زرارة " فإن جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت، ثم صلت الغداة بغسل، والظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، وإن لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد " ظاهر في الوجوب الشرطي، وأن تلك الصلوات التي تصلي المستحاضة الكبرى بالأغسال الثلاثة وتكون الأغسال شرطا لها تصليها الوسطى بغسل واحد، ويكون هو شرطا لها. فقوله " صلت " أي صلت الصبح والظهرين والعشاءين، ولا معنى لاختصاصه بالغداة، ولا وجه لاحتمال كون الحدث إذا وجد في وقت الصبح كان أكبر.
وبالجملة لا شبهة في فهم العرف من مقابلة قوله " صلت بغسل واحد " بقوله " صلت الغداة بغسل - الخ - " أنها تصلي تلك الصلوات بغسل واحد، ويكون الغسل الواحد من الصلوات بمنزلة الأغسال الثلاثة منها. واحتمال أن يكون شرطا لمجموعها من حيث المجموع بحيث لو حدث الدم بعد الغداة لم يكن حدثا ولا الغسل شرطا، بعيد جدا بل مقطوع الخلاف بعد كون كل صلاة مستقلة في الوجوب والشرائط والموانع.
ومن ذلك يظهر الكلام في موثقتي سماعة، فإن قوله " المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين وللفجر غسلا، وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة والوضوء لكل صلاة " ظاهر في أن الغسل الواحد للوسطى كالأغسال الثلاثة إنما يكون بملاحظة الصلوات وشرطا فيها. وقوله " لكل يوم " في مقابل الأغسال ظاهر في أن الغسل الواحد في كل يوم مرة إنما هو للصلوات اليومية لا لنفس اليوم. ولا إشكال في فهم العرف منهما ومن صحيحة زرارة الشرط المتقدم لكل صلاة، لأن الشرط المتأخر مع كونه خلاف ارتكاز العقلاء مخالف للمتفاهم من مثل قوله " صلت بغسل واحد ".