وأنت خبير بأن ظاهر المرسلة هو رجوع التعميم إلى الوضوء لكل صلاة، فإن وجوب أصل الصلاة ليس مورد العناية في الكلام، بل ما هو مورد البيان والعناية هو الاغتسال والوضوء لكل صلاة، وإنما يفهم لزوم الصلاة عليها بالتبع، ورجوع التعميم إلى ما هو مورد البيان أولى أو المتعين. نعم، لو كان الاستبعاد بالنسبة إلى الوضوء لكل صلاة في غير محله وإلى أصل الصلاة في محله لم يكن بد من رفع اليد عن الظهور، لكن استبعاد الوضوء في صورة سيلان الدم الذي هو حدث في محله، بل أولى من استبعاد أصل الصلاة، فإن الوضوء بحسب الأدلة وارتكاز المتشرعة إنما هو لرفع الحدث، وبعد كون الحدث سائلا دائما يكون إيجاد الرافع في نظر السائل أمرا غريبا مستبعدا، فسأل عنه وأجاب بأنها تتوضأ وإن سال مثل المثعب.
والانصاف أن ظهور المرسلة في وجوب الوضوء لكل صلاة مما لا ينبغي إنكاره.
نعم، يبقى الكلام في أن حمل هذا الظاهر على الاستحباب أولى أو تقييد الاطلاقات الواردة في مقام البيان؟ وقد يدعى ورود الأخبار المستفيضة التي كادت أن تكون متواترة في مقام بيان تكليف المستحاضة ساكتة عن الوضوء، والالتزام بإهمال هذه الروايات من هذه الجهة في غاية الاشكال، ورفع اليد عن ظهور المرسلة متعين.
أقول: أما كون الالتزام بإهمال الروايات بأسرها في غاية الاشكال فحق، لكن لا يلزم من ذلك كون جميع الروايات التي يدعى استفاضتها في مقام البيان حتى نستوحش من ورود الروايات المستفيضة في مقام البيان مع عدم ذكر عن الوضوء لكل صلاة، بل الناظر في الروايات والمتأمل فيها لا يرى فيها ما في مقام البيان من هذه الجهة إلا موثقة سماعة السالمة عن المناقشة، حيث ذكر فيها الغسل الواحد والوضوء لكل صلاة في المتوسطة، والوضوء فقط للصفرة المحمولة على القليلة، وفي مقابلهما ذكر الكثيرة وأوجب فيها الغسل لكل صلاتين وللفجر، ولو كانت من جهة الوضوء في مقام الاهمال لما ذكره في المتوسطة. والانصاف أن إنكار كونها مطلقة في مقام البيان في غير محله، وقريب منها موثقته الأخرى، وأما سائر الروايات فلا تخلو عن مناقشة في سندها أو إطلاقها. ورفع اليد عن إطلاق رواية أو روايتين بظهور رواية أخرى