وعلى أي حال لا إشكال في فهم العرف من تلك الروايات اشتراط جميع الصلوات اليومية بالغسل، وأما مخالفة ذلك لفتاوى الأصحاب كما قيل فلقد أجاب عنها الشيخ الأعظم وأجاد، ولو فرض عدم الوثوق بمراد القوم مما أفاد - رحمه الله - فلا أقل من احتماله احتمالا معتدا به، ومعه لا يجوز رفع اليد عن ظواهر الأدلة.
وأما القسم الثالث أي الكثيرة فيجب فيه تبديل القطنة والخرقة وكل ما تلوث بالدم بلا إشكال، لما ذكرنا في المتوسطة من فهم العرف من ثبوت الحكم للقليلة ثبوته لها، وكذا الحال في الكثيرة. ضرورة أن وجوب تبديل القطنة التي تلوث شئ منها دليل على مانعية هذا الدم عن الصلاة ولو كان قليلا وفي الباطن فضلا عما كان كثيرا وفي الظاهر. ومنه يعلم لزوم تبديل الخرقة وكل ما تلوث بالدم، كل ذلك لفهم العرف من حكم القليلة مانعية هذا الدم مطلقا. هذا، مضافا إلى الأدلة الدالة على لزوم تبديل الكرسف إذا ظهر الدم عليه، فإن الظاهر منها أن ظهوره عليه مانع عن الصلاة، ويصدق في الكثيرة أن الدم ظهر على الكرسف. ولو فرض اختصاص الأدلة بالمتوسطة فلا إشكال في فهم العرف منها حكم الكثيرة أيضا بإلغاء الخصوصية، كما يفهم منها مانعيته مطلقا، سواء كان في الكرسف أو في غيره.
وأما الوضوء فهل يجب لكل صلاة كما عن الخلاف دعوى الاجماع عليه، وعن المختلف دعوى الشهرة، وهو المنقول عن السرائر والنافع وكتب العلامة والشهيدين والمحقق الثاني، وهو مختار الشرايع، وعن المدارك أن عليه عامة المتأخرين، و عن الكفاية عليه جمهور المتأخرين، أو لا يجب مطلقا وتكفي الأغسال عنه كما عن ظاهر الصدوقين وعن السيد في الناصريات والشيخ وابني زهرة وحمزة والحلبي و القاضي وسلار، أو يجب مع كل غسل كما عن المقنعة والجمل والمعتبر وابن طاوس و شارح المفاتيح والسيد في الرياض؟ وعن المعتبر دعوى عدم ذهاب أحد من طائفتنا إلى وجوب الوضوء لكل صلاة ونسبة من ذهب إلى ذلك إلى الغلط. وهذا منه غريب بعد ذهاب من عرفت إليه وقد اختاره في الشرائع ومحكي النافع. وإلى القول الأخير ذهب شيخنا الأعظم قائلا أنه لا دليل على وجوبه لكل صلاة، وقد حقق في محله عدم إجزاء