غسل عن الوضوء إلا غسل الجنابة.
ووجه عدم وجوبه مطلقا دعوى ورود الأدلة الكثيرة المطلقة في مقام البيان مع السكوت عن الوضوء والأخذ بها أولى من الأخذ بظاهر مثل رواية يونس على فرض تسليم ظهورها، وقد أنكر الشيخ الأعظم ظهورها بدعوى أن قوله " فلتدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة. قيل: وإن سال؟ قال: وإن سال مثل المثعب " مما يتوهم كونه بملاحظة ذيله نصا في أن الوضوء لكل صلاة حتى في الكثيرة لا يدل على الوجوب، لأن الغسل فيه هو غسل الاستحاضة، وإلا لزم إهمال ما هو الأهم، ويكون الظرف متعلقا بمجموع الجملتين، فحينئذ لا محيص عن الحمل على الاستحباب، لعدم وجوب الغسل لكل صلاة إجماعا.
ولا يخفى ما فيه، فإن الظاهر أن الغسل الوارد في تلك الرواية كسائر الروايات هو غسل الحيض، وأنت إذا تفحصت الروايات الواردة في باب المستحاضة لا يبقى لك ريب في أن الاغتسال الوارد في المرسلة هو الاغتسال من الحيض، وترك بيان غسل الحيض ليس بأهون من ترك بيان غسل الاستحاضة. ثم إن تعلق الظرف بالجملتين محل إشكال، ودعوى الظهور في محل المنع، بل المتيقن - لو لم نقل إنه الظاهر - تعلقه بالجملة الأخيرة، ولو سلم ظهور تعلقه بهما فقيام الدليل الخارجي على عدم وجوب الغسل لكل صلاة لا يوجب عدم ظهور ذلك في لزوم الوضوء لكل صلاة. هذا كله مع أنه لو سلم جميع ما أفاد لا يصير مدعاه ثابتا إلا بتقديم ما دل على عدم إجزاء غير غسل الجنابة عن الوضوء على الاطلاقات الواردة في مقام البيان، وهو محل تأمل.
وقد اختار بعض أهل التحقيق عدم الوضوء عليها مطلقا، وأجاب عن المرسلة بأن المراد من الأمر بالغسل فيها هو غسل الحيض، والمراد من تعميم الحكم إنما هو في أنها تصلي في مقابل أيام قرئها، لا أنها تصلي بعد غسل الحيض بالوضوء مطلقا، وليس الكلام في هذا ا لمقام لبيان تكليف المستحاضة إلا في الجملة، فلا ينافيه الاهمال.