وجب عليها الغسل للظهرين، ولو اغتسلت ارتفع حكمه ولم يجب للعشاءين إلا إذا حدث بعد الظهرين أو استمر إلى ما بعدهما. وسيأتي الكلام في الحدوث بين الغسل أو بعده وقبل الفريضة وبينها.
ثم إن لكل من الاحتمالات المتقدمة وجها، ولبعض منها قائلا يزعم استفادة ما ذهب إليه من أخبار الباب. وربما يقال: إن مقتضى إطلاق الأدلة هو الوجه الأول، بل مال إليه في الجواهر لولا مخافة مخالفة الاجماع. وقال الشيخ الأعظم: إن هذا القول لا يرجع إلى محصل.
ويمكن أن يستدل عليه بصحيحة يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: امرأة رأت الدم في حيضها حتى تجاوز وقتها، متى ينبغي لها أن تصلي؟
قال: تنتظر عدتها التي كانت تجلس، ثم تستظهر بعشرة أيام، فإن رأت دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة. (1) حيث دلت بإطلاقها على أن مجرد رؤية الدم الصبيب موجب للأغسال، فلو رأت دما صبيبا قبل الفجر وجب عليها الاغتسال في وقت الصلوات، بدعوى أن سائر الروايات لا ينافيها، فإن كون موردها الدم الجاري في الأوقات لا يوجب تقييدها.
وفيه أن ما ذكر على فرض الاطلاق - كما لا يبعد - إنما هو في غير صحيحة الصحاف، وأما هي فمقيدة لها، ففيها: وإن كان الدم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقأ فإن عليها أن تغتسل في كل يوم وليلة ثلاث مرات، و تحتشي وتصلي وتغتسل للفجر، وتغتسل للظهر والعصر، وتغتسل للمغرب والعشاء الآخرة. قال: وكذلك تفعل المستحاضة، فإنها إذا فعلت ذلك أذهب الله بالدم عنها. (2) فالتقييد بعدم السكون والانقطاع الذي يراد منه الاستمرار في الأوقات كما يظهر من الرواية إلى آخرها دليل على أن موضوع الحكم ليس مجرد كونه صبيبا، بل الصبيب الذي لا يرقأ ولا يسكن، كما تشعر أو تدل عليه صحيحة محمد بن