والظاهر المتفاهم منها عرفا بعد ارتكازية كون الدم الكثير أسوأ حالا من المتوسط أن الغسل في مقابل ثلاثة أغسال هو نفس الطبيعة التي يسقط الأمر بها بأول الوجود، ولو سلم كون الظهور الأولي منه هو سببية الظهور بجميع وجوداته للغسل فيجب عليها كلما ظهر على الكرسف، يجب رفع اليد عنه بما صرح بأن الدم الغير المتجاوز لا يكون سببا إلا لغسل واحد في كل يوم. ولا إشكال في أظهرية ذلك من الموثقة على فرض تسليم الظهور المتقدم.
وبه يظهر الكلام في رواية إسماعيل بن جابر، قال: وإن هي لم تر طهرا اغتسلت واحتشت، ولا تزال تصلي بذلك الغسل حتى يظهر الدم على الكرسف، فإذا ظهر أعادت الغسل وأعادت الكرسف. (1) فإن الظاهر منها أن الغسل الأول فيها غسل الحيض، وظاهرها أن غسل الحيض يكفيها ولا يلزم عليها غسل إلا عند الظهور، فإذا ظهر أعادت الغسل ولا تكتفي بغسل الحيض، وهذا لا يدل على لزوم الغسل عند كل ظهور، ولو سلم ظهورها يرفع اليد عنه بنص موثقتي سماعة، مع أنها ضعيفة السند بالقاسم بن محمد الجوهري.
والانصاف أن الناظر في مجموع الروايات بعد رد ظاهرها على نصها ومطلقها على مقيدها ومجملها على مفصلها لا ينبغي أن يرتاب في تثليث الأقسام على ما هو المشهور بين الأصحاب.
وأما ما يقال من أن تقييد الموثقتين أي قوله " إن لم يجز الدم الكرسف " بالثقب الغير المتجاوز تقييد بالفرد النادر، بل ارتكاب التقييد في الموثقة المضمرة ولو مع قطع النظر عن ذلك متعذر، لما في صدرها من التنصيص على أن المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين وللفجر غسلا، وعدم التجاوز نقيض ما في الصدر، فيكون المراد منه عدم الثقب، والتعبير ب " لم يجز " للجري مجرى الغالب، وادعاء العكس لا يجدي، وإن أمكن أن يكون المراد من قوله " إذا ثقب " إذا جاز، اعتمادا على الغلبة لكن التعبير به عنوانا للموضوع ولو بملاحظة الغلبة مانع عن أن يكون