نعم يبقى الكلام في كيفية التتميم، فقد يقال بالرجوع إلى عادات النساء أو الروايات، فإنه لم يعرف من أخبار التمييز إلا كون الدمين مثلا حيضا في الجملة، وهذا المقدار من المعرفة لا يوجب خروجها من موضوع ما دل على الرجوع إلى عادات النساء أو الأخبار، وعلى تقدير انصراف الأخبار يفهم حكمه منها عرفا، لأن هذه الأخبار ليست تعبدية محضة، بل مناطها أمور مغروسة في الأذهان.
وفيه أن إطلاق أدلة التمييز يحكم بأن اليومين حيض، ولو لم يكن دليل تحديد الحيض بثلاثة أيام لقلنا بمفادها بمقتضى إطلاقها، ودعوى عدم الاطلاق في الروايات وخروج الفرض وأمثاله منها في غاية السقوط، ضرورة أن الروايات في مقام البيان بلا إشكال، وإطلاقها محكم، وإنما يخرج منه بقدر ما ورد من التقييد، ولا ينافيها أدلة تحديد الحيض بثلاثة أيام، لعدم المنافاة بين كون اليومين حيضا مع كون اليوم الثالث أيضا حيضا، لأن وجدان الصفة أمارة على الحيضية وأما فقدانها فليس أمارة على شئ. نعم وجدان صفات الاستحاضة أمارة عليها ولازمها عدم الحيضية، لكن قد عرفت عدم إمكان الأخذ بها، فحينئذ يؤخذ بأمارة الحيض في اليومين ويترك أمارة الاستحاضة بمقدار تتميم أقل الحيض، لما دل على عدم كون الحيض أقل من ثلاثة، وتبقى أمارية صفات الاستحاضة في اليوم الرابع وما زاد بلا معارض، فيؤخذ بها. ومع قيام الأمارة على الاستحاضة في الأيام الزائدة وقيام الأمارة أيضا على حيضية ثلاثة أيام لا وجه للرجوع إلى عادات النساء مما ثبت نصا وفتوى تأخر أماريتها عن أمارية التمييز.
وأو ضح منه عدم الرجوع إلى الروايات، الذي هو تكليف فاقدة التمييز والأمارة، فرفع اليد عن أدلة التمييز إما لدعوى قصور أدلتها عن شمول هذه الفروض، فهي مدفوعة بما تقدم من إطلاق الأدلة، ويظهر إطلاقها من الرجوع إليها والتأمل في مفادها، ولعمري إن الناظر فيها لا يشك في شمولها لجميع الفروض مع قطع النظر عن روايات التحديد. وإما لدعوى دخول الفروض في أدلة الرجوع إلى النساء و الأخبار، ففيها أنه مع شمول إطلاقات أدلة التمييز له لا معنى للرجوع إليها، لحكومة