أما بالنسبة إلى العدد فلا مزاحم لاطلاق أدلة الرجوع إلى عادات النساء، لأن رفع اليد عنها بعد إطلاقها إنما هو لفهم تقدم أدلة التمييز عليها وكون التمييز أمارة أقوى من أمارة العادات كما تشهد به رواية سماعة، بل يمكن الاستدلال عليه بمرسلة يونس، ومع التعارض بين أمارات التمييز تصير فاقدة بالنسبة إلى العدد، هذا.
مع إمكان أن يقال: إن التعارض بين الأمارات إنما وقع في محل التحيض لا في عدد الأيام، فهي ذات أمارة وتمييز بالنسبة إلى العشرة وغير ذات تمييز بالنسبة إلى المحل الخاص، فتتخير بين جعل العشرة في أي من اليوم الأول إلى العشرين إلا إذا عينت عادات النساء وقت حيضها، كما لو فرض كون العادات من أول الشهر إلى خمسة أيام فيجب عليها الأخذ بالعشرة من أول الشهر، لأنها بالنسبة إلى الوقت غير ذات تمييز، فلا بد من رجوعها إلى الأمارة المتأخرة عن التمييز.
ثم إن ما ذكرنا من لزوم الأخذ بعشرة أيام جار في الفرع المتقدم أي ما إذا كانت للأمارات جهة مشتركة لعدم ما يدفع لزوم الأخذ بعشرة أيام، فإن عادات نسائها أمارة متأخرة عن أمارة التمييز على عشرة أيام، فتدبر.
ولو فقدت النساء وقلنا بأنها غير ذات تمييز بالنسبة إلى العدد، فلا يبعد الرجوع إلى الأخبار، بدعوى فهم ذلك من رواية يونس حيث قال في ذيلها عند بيان القاعدة الكلية بعد بيان السنتين الأولتين " فإن لم يكن الأمر كذلك ولكن الدم أطبق عليها فلم تزل الاستحاضة دارة وكان الدم على لون واحد - الخ - " بأن يقال: إن قوله " فإن لم يكن الأمر كذلك " له مصاديق، ويكون جميع مصاديقها موضوعا للحكم المترتب عليه أي السبع والثلاث والعشرين، وإنما ذكر بعض مصاديقه الواضحة من غير أن يكون الحكم منحصرا في هذا المصداق، فمع فقدان التمييز الذي يمكن الرجوع إليه يكون تكليفها الرجوع إلى الروايات لصدق قوله " لم يكن الأمر كذلك " وبعبارة أخرى: إن الارجاع إلى التمييز في السنة الثانية إنما يكون في ما يمكن الارجاع إليه، وهو كون التمييز بلا مزاحم، فموضوع الحكم في التمييز هو التمييز القابل للارجاع إليه، وفي مقابله المعبر عنه بقوله " فإن لم يكن الأمر