رسول الله صلى الله عليه وآله أمر به تلك؟ ألا تراه لم يقل لها: دعي الصلاة أيام أقرائك، ولكن قال لها: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي و صلى؟ فهذا يبين أن هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها لم تعرف عددها ولا وقتها، ألا تسمعها تقول: إني أستحاض فلا أطهر؟ وكان أبي يقول: إنها استحيضت سبع سنين، ففي أقل من هذا تكون الريبة والاختلاط، فلهذا احتاجت إلى أن تعرف إقبال الدم من إدباره وتغير لونه من السواد إلى غيره. وذلك أن دم الحيض أسود يعرف، ولو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم، لأن السنة في الحيض أن يكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض - إذا عرفت - حيضا كله، إن كان الدم أسود أو غير ذلك، فهذا يبين لك أن قليل الدم وكثيره أيام الحيض حيض كله إذا كانت الأيام معلومة، فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم وإدباره وتغير لونه ثم تدع الصلاة على قدر ذلك ولا أرى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: اجلسي كذا وكذا يوما فما زادت فأنت مستحاضة كما لم يأمر الأولى بذلك، وكذلك أبي أفتى في مثل هذا، وذلك أن امرأة من أهلنا استحاضت فسألت أبي عن ذلك، فقال: إذا رأيت الدم البحراني فدعي الصلاة، و إذا رأيت الطهر ولو ساعة من نهار فاغتسلي وصلي. وأرى جواب أبي ههنا غير جوابه في المستحاضة الأولى، ألا ترى أنه قال: تدع الصلاة أيام أقرائها؟ لأنه نظر إلى عدد الأيام، وقال ههنا: إذا رأت الدم البحراني فلتدع الصلاة، وأمرها ههنا أن تنظر إلى الدم إذا أقبل وأدبر وتغير. وقوله " البحراني " شبه قول النبي صلى الله عليه وآله " إن دم الحيض أسود يعرف " وإنما سماه أبي بحرانيا لكثرته ولونه، فهذه سنة النبي صلى الله عليه وآله في التي اختلط عليها أيامها حتى لا تعرفها وإنما تعرفها بالدم ما كان من قليل الأيام وكثيره.
قال: وأما السنة الثالثة ففي التي ليس لها أيام متقدمة ولم تر الدم قط و رأت أول ما أدركت واستمر بها، فإن سنة هذه غير سنة الأولى والثانية. وذلك أن امرأة يقال لها " حمنة بنت جحش " أتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: إني استحضت