لغير الأول في بعضها كما يأتي. والتمسك بقاعدة الامكان مع ما تقدم من عدم الدليل عليها لا وجه له ههنا ولو فرض الدليل عليها، لعدم الرجحان بين الأيام بعد قيام الأمارة على جميعها وتساوي جريان القاعدة فيها. ودعوى ظهور الأدلة في التحيض أول ما رأت كقوله في صحيحة حفص بن البختري " فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة " وقوله في مرسلة يونس " إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة " غير وجيهة، لأن الأدلة إنما هي بصدد بيان أمارية الأوصاف مطلقا لا في أول الحدوث، فمعنى قوله " إذا كان للدم حرارة - الخ " أنه كلما كان للدم حرارة كان حيضا، ولهذا لو لم تكن أدلة التحديد لقلنا بحيضية جميع الأيام، ومع تلك الأدلة يقع التعارض في الأيام بين الأمارات من غير ترجيح. والترجيح بتقدم الزمان بدعوى خروج الزمان المتأخر عن إمكان الحيضية بعد انطباق الأدلة بلا مانع على الأيام الأولى مما لا وجه له، لأن التقدم الزماني لا يوجب الترجيح، والتطبيق على الأولى ورفع اليد عن الأدلة في الأيام الأخرى من غير مرجح لا وجه له.
والأقوى بحسب القواعد هو التفصيل بين ما إذا كانت للأمارة جهة مشتركة كما إذا رأت خمسة عشر يوما، فإن اليوم السادس إلى العاشر مورد اتفاق الأمارات على حيضيتها بعد الأخذ بإطلاق أدلتها وتحديد الحيض بما دل على أنه لا يزيد عن عشرة أيام، فحينئذ يقع التعارض بين الأمارات من أول رؤية الدم بصفة الحيض إلى الخامس ومن اليوم الحادي عشر إلى الخامس عشر، وتتفق في المفاد من اليوم السادس إلى العاشر، فتكون المرأة ذات تمييز وقتا وعددا، فلا ترجع إلى عادات نسائها والأخبار مطلقا لتقدم التمييز عليهما. وأما إذا وقع التعارض بينها من غير اتفاق كما لو رأت عشرين يوما بصفة الحيض فتتعارض الأمارات في جميع الأيام، فتكون من جهة الوقت ذات تمييز في الجملة ومن جهة العدد غير ذات التمييز، فترجع إلى التمييز في الوقت في الجملة، بمعنى أنه لو كانت عادة النساء في آخر الشهر خمسة أيام ورأت متصفا بصفات الحيض من أول الشهر إلى العشرين تتحيض في أيام التمييز فتقدم أدلة التمييز على أدلة عادات النساء بالنسبة إلى الوقت، و