مثلا، التي يلزم منها كون الثالث حيضا لما دل على عدم كون الحيض أقل من ثلاثة أيام، معارضة لأمارة الاستحاضة في اليوم الثالث، التي يلزم منها كون اليومين أيضا استحاضة، فتتساقط الأمارتان، فهي فاقدة التمييز.
وقد يجاب عنه بأن سوق الأخبار يشهد بورودها لتمييز الحيض عما ليس بحيض الذي هو الاستحاضة، وإنما ذكر أوصاف الاستحاضة استطرادا لبيان أنه ليس بحيض، فإذا تبين كون بعض ما رأته بصفة الاستحاضة حيضا باعتبار كونه مكملا لما علم حيضيته بالأوصاف التي اعتبرها الشارع لا ينافيه هذه الأدلة (انتهى).
وفيه أنه لم يتضح معنى الاستطراد، فإن كان المراد أن ذكر أوصاف الاستحاضة وقع بعد أوصاف الحيض تبعا له، فهو مع تماميته في جميع الروايات - فإن في صحيحة معاوية بن عمار قدم ذكر الاستحاضة وصفتها على الحيض وصفته - لا يوجب عدم كون الصفات أمارة أو رفع اليد عن أماريتها لدى التعارض. وإن كان المراد أن الإمام عليه السلام ليس بصدد بيان أمارية أوصاف الاستحاضة بل يكون بصدد أمارية الحيض فقط، وذكر الأوصاف المقابلة ليس لأجل أماريتها بل لبيان فقد أمارية الحيض كما يظهر من القائل في خلال كلامه، فهو غير وجيه، ضرورة ظهور الأدلة في أمارية كل من الطائفتين، ولا يمكن الالتزام بذلك خصوصا في صحيحة معاوية، بل كأنه أشرنا سابقا إلى أولوية أمارية صفات الاستحاضة من صفات الحيض. وكيف كان فلا وجه لرفع اليد عن ظهور الروايات في أمارية صفاتهما.
ويمكن أن يقال في جواب الاشكال المتقدم: إن أمارة الاستحاضة في ما نحن فيه لا يمكن أن تعارض أمارة الحيض، للعلم بكذب مفادها، فإن المفروض أن غير اليومين من أيام الدم يكون بصفة الاستحاضة، فالأخذ بدليل صفات الاستحاضة اللازم منه جعل اليومين أيضا استحاضة مما لا يمكن، للعلم بكون بعض الأيام حيضا، ضرورة اتفاق النص والفتوى على حيضية بعض الدم المستمر، فحينئذ تكون الأمارة الدالة على كون الجميع استحاضة، مخالفة للواقع، فلا يمكن الأخذ بها، فتبقى أمارة الحيض في اليومين بلا معارض، ولازمها تتميم ما نقص.