عددها احتاجت - الخ - إلى غير ذلك أنه لا يعتبر في الرجوع إلى التمييز إلا عدم إمكان الرجوع إلى العادة، سواء كان لفقدانها أو اختلاطها أو نسيانها أو غير ذلك.
ومما يبين ذلك التأمل الصادق في قوله " فلهذا احتاجت إلى أن تعرف - إلى قوله - ولو كانت تعرف أيامها ما احتاجت - الخ - " فإن المتفاهم عرفا منه أن الاحتياج إلى معرفة لون الدم إنما هو في ما قصرت يدها عن الأمارة التي هي أقوى منها عرفا وشرعا، وأن الرجوع إلى التمييز لأجل أن دم الحيض أسود يعرف، فأمارية الصفات أوجبت الارجاع إليها عند فقد الأمارة المتقدمة عليها قوة وكشفا من غير دخل لتقدم الأيام وعدمه أو اختلاطها وعدمه في ذلك. فموضوع الارجاع عرفا هو وجدان هذه الأمارة وفقدان ما هي أقوى منها، ولو فرض كون المرأة مبتدئة ذات تمييز يفهم من التأمل في الفقرات أن تكليفها الرجوع إلى التمييز، وعند فقدانه يكون تكليفها غير ذلك وأما السنة الثالثة فإن كان يوهم بعض فقرات الرواية كونها للمبتدئة، كانت ذات تمييز أو لا، لكن التأمل في جميع فقراتها يدفع هذا الوهم، فإن الظاهر منها كما تقدم أن النبي صلى الله عليه وآله سن في ثلاث وقائع شخصية ثلاث سنن يفهم منها جميع حالات المستحاضة، فجميع حالات المستحاضة تدور على هذه السنن لا أن المستحاضة تنحصر في الموارد الثلاثة التي وردت على النبي صلى الله عليه وآله وبين أحكامها. نعم، وردت السنة الثالثة بحسب الواقعة الشخصية في من لم تر الدم ورأت أول ما أدركت و استمر بها، وكانت كثيرة الدم، وكان دمها ذا دفع وشدة، وعلى لون واحد وحالة واحدة، كما يستفاد من قوله " أثجه ثجا " وقد صرح به في آخر الرواية، فالمستفاد من جميع المرسلة أن السنة الثالثة وإن وردت في من رأت الدم أول ما أدركت و استمر بها على لون واحد بحسب الواقعة الشخصية والقضية الخارجية لكنها سنة لكل من لم تكن لها عادة ولا تمييز، كما ينادي به قوله في آخر الرواية " وإن لم يكن الأمر كذلك ولكن الدم أطبق عليها فلم تزل الاستحاضة دارة وكان الدم على لون واحد وحالة واحدة فسنتها السبع والثلاث والعشرون، لأن قصتها قصة حمنة