الحيض، وليست الأمارة إلا كاشفة عما يمكن أن يكون حيضا ويحتمل تحققه، و هذه الروايات ترفع الموضوع وتخرجه عما يمكن فيه ذلك، فهي بلسانها مقدمة على لسان الأمارة عرفا. فما ذهب إليه صاحب الحدائق من أنها تتحيض بالأقل و الأكثر زاعما أن ذلك مقتضى إطلاق الروايات بل مقتضى قوله في مرسلة يونس " ما كان من قليل الأيام وكثيره " مردود، ضرورة أن أدلة التحديد الحاكمة على أدلة الصفات توجب تحديد القليل والكثير بأيام إمكان الحيض.
ومما ذكرنا ظهر حال ما تمسك به لرد الشرط الثالث وهو بلوغ الدم الضعيف وحده أو مع النقاء عشرة أيام، قائلا إن ذلك لا دليل عليه، بل ظاهر الأخبار يرده:
كموثقة أبي بصير، قال: سألت الصادق عليه السلام عن المرأة ترى الدم خمسة أيام والطهر خمسة أيام، وترى الدم أربعة أيام والطهر ستة أيام. فقال: إن رأت الدم لم تصل، وإن رأت الطهر صلت ما بينها وبين ثلاثين يوما، فإذا مضت ثلاثون يوما - الخ - (1) وقريب منها موثقة يونس بن يعقوب (2).
والروايتان صحيحتان، وتوصيفهما بالموثقة كأنه في غير محله، وكيف كان فأما قوله " لا دليل عليه " فقد مر الدليل عليه، وأما تمسكه بالروايتين ففيه أولا أن موردهما غير ما نحن فيه، لظهورهما في حصول النقاء لا في استمرار الدم واختلاف الألوان، وثانيا قد مر في محله ما هو مفادهما، وقد حملهما الشيخ على محمل صحيح و بين المحقق ما هو المحمل فيهما فلا نعيد.
(الأمر الثاني) إذا فقد الشرط الأول أي كان ما رأت بصفة الحيض أقل من ثلاثة أيام، فهل هي فاقدة التمييز ولا بد لها من الرجوع إلى الأمارة أو الروايات لو قلنا برجوع الفاقدة إليهما مطلقا، أو هي واجدة له في الجملة؟ قد يقال بالأول لأن أمارة الحيض في اليومين